كتبت / مرام محمد.
قال السيد ديميترو كوليبا، وزير الخارجية الأوكراني، الذي يزور الإمارات حاليا، إن أوكرانيا تتطلّع إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى كافة المستويات خاصة في مجال الطاقة، تقنية المعلومات والفضاء.
وأكد وزير خارجية أوكرانيا، في لقاء مع وكالة ” آيريس ميديا ” الإعلامية في أبوظبي على أهمية المحادثات التي أجراها مع سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي وعدد من كبار المسؤولين في الامارات.
وفي هذا المجال أوضح وزير الخارجية الأوكراني أن جمهورية أوكرانيا غنية بفرص الاستثمار الرائدة، لافتاً إلى وجود فرص حيوية للتعاون في قطاعات مثل قطاع الزراعة العضوية في ظلّ جودة المحاصيل والسلع الزراعية العضوية الأوكرانية وإمكانية تطوير شراكات تخدم متطلبات الأمن الغذائي.
كما أشار إلى ريادة أوكرانيا في مجال الطاقة النووية والفضاء، إضافة إلى قطاع تقنية التكنولوجيا الحديثة، حيث باتت أوكرانيا إحدى الدول الأوروبية الرائدة في مجال هندسة الكمبيوتر والمعلوماتية، كما اكتسبت مؤخراً خبرة كبيرة في إنشاء الخدمات الإلكترونية للمواطنين والتي تُسهم في تسهيل الحياة على الجميع، خاصة مع الظروف التي أوجدها انتشار فيروس “كوفيد-19”.
وأكد أن الحكومة الأوكرانية تتطلّع إلى أتمتتة جميع تعاملات مواطنيها بحلول نهاية 2022.
وأشار إلى الخبرة الكبيرة التي تتمتّع بها شركات الطاقة الأوكرانية في مجال الأمن والكفاءة، خاصة في مجال إدارة محطات الطاقة النووية السليمة، داعياً شركات الطاقة الإماراتية والخليجية والعربية للاستثمار في مجال الطاقة الهيدروجينية، التي تُعدّ طاقة المستقبل، حيث تُمثّل أوكرانيا المزوّد الأول لمادة الهيدروجين إلى الأسواق العالمية، مؤكداً على أن تضافر الجهود بين أوكرانيا والإمارات سيعود بفوائد مُجزية على كلا الطرفين.
وعن تطوّر المحادثات مع إيران بشأن كارثة الطائرة الأوكرانية، أفاد وزير الخارجية بأن أوكرانيا تُمثّل حالياً نفسها إلى جانب كافة الدول التي فقدت مواطنيها في هذه الكارثة، مؤكداً حرص أوكرانيا على تحقيق العدالة وإعادة الحق عن طريق المفاوضات السلمية، والتوصّل لحلّ عادل يُرضي كافة الأطراف.
وأشار إلى أن أوكرانيا تقوم بالتفاوض مع روسيا، واقتراح بعض الحلول البناءة حول كيفية إنهاء الحرب، واستعادة الأراضي المُحتلّة. ولكن مع أسفنا العميق، فإن روسيا لا ترد بالمثل، لذا تستمر المفاوضات. الأمر ليس سهلاً، ولا بديل عن الحوار وإيجاد الحلول.
وقال: “نحن نقدر بشدة تجنب دولة الإمارات القيام بأي فعلٍ يمكن أن يتم تفسيره على أنه اعتراف بالتغيرات التي طرأت على أوضاع الأراضي المحتلة مؤقتًا في شبه جزيرة القرم، وبعض مناطق دونيتسك ولوهانسك، بما في ذلك التواصل المحتمل مع ممثلي الإدارة الروسية”.
ومضي قائلا ” لقد هدفت مبادرتنا الأخيرة، إنشاء منصة القرم، إلى تنسيق الاستجابة الدولية لكافة التهديدات الناجمة عن الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم. والذي يقود إلى تحقيق هدفنا الأكبر وهو إنهاء احتلال شبه الجزيرة الأوكرانية. وسيتم عقد القمة الافتتاحية لمنصة القرم الدولية في كييف في عام 2021. “
وذكر وزير خارجية اوكرانيا ان لدي بلاده تجربة تعاونٍ ناجحةٍ مع دولة الإمارات في مجال الاستكشافات الفضائية. حيث شاركت أوكرانيا بشكلٍ مباشر في عمليات إطلاق الأقمار الصناعية الإماراتية دبي سات -1 ودبي سات 2.
وقال “ينمو التفاعل الأوكراني الإماراتي في مجال الاستكشافات الفضائية بثباتٍ عامًا بعد عام. ففي عام2017، وقعدت بلدينا مذكرة تفاهم في مجال الأبحاث الفضائية. وفي عام 2019، قمنا بإطلاق مجموعة العمل الإماراتية الأوكرانية في مجال الأبحاث الفضائية والتي عقدت بدورها اجتماعها الأول ذلك العام”.
وذكر أنه نظرًا للإمكانات العلمية والصناعية الضخمة التي تمتلكها جمهورية أوكرانيا، نتطلع إلى أفاقٍ متميزةٍ لتنمية الحوار الثنائي في مجال تكنولوجيا الأقمار الصناعية، وبالأخص، إنشاء أنظمة فضائية ذاتية مستقلةٍ.
وأوضح أن بلاده أصبحت تاسع دولةٍ، بعد دولة الإمارات، تنضم إلى برنامج ناسا “Artemis” الذي يهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال الأبحاث المتعلقة بالقمر والمريخ والمذنبات والكويكبات. ومن وجهة نظري، يسهم ذلك في إتاحة مزيدٍ من الفرص وخلق آفاق جديدةٍ للتعاون ما بين أوكرانيا والإمارات في مجال استكشاف الفضاء الخارجي واستغلاله بشكلٍ سلمي.
وذكر ان أوكرانيا تمتلك 15 مفاعلًا نوويًا ولديها تجربة متميزة في هذا المجال. ولديها شراكة قوية وفعالة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونحن على استعداد للتعاون مع دولة الإمارات في هذا المجال.
وقال إن النجاحات التي حققتها دولة الإمارات في مجال الطاقة المتجددة تجعلها الشريك المفضل لدينا في هذا المجال. فلدى أوكرانيا مصادر طاقةٍ متجددةٍ واعدة في كافة مناطقها، بما في ذلك الطاقة المائية والشمسية وطاقة الرياح والكتلة الحيوية والطاقة الحرارية الجوفية.
وذكر انه في ضوء الإمكانات المهولة التي تمتلكها أوكرانيا في هذا المجال، سنسعى لإيجاد سبل جديدة للتعاون مع دولة الإمارات على المستوى الثنائي المباشر ومن خلال الوكالة الدولية للطاقة المتجددة. حيث ستتصدر كفاءة الطاقة و”التكنولوجيا النظيفة” قائمة اهتمامنا.
وأضاف قائلا: “نشارك دولة الإمارات اهتمامها في تقنيات تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الحيوية والطب والملاحة الجوية وبناء السفن والصناعات الكيميائية والتعدين وغيرها من المجالات”.
تنشيط الاستثمار الدولي
وكجزءٍ من جهود الحكومة الأوكرانية الساعية إلى تعزيز المناخ الاستثماري في اوكرانيا قال وزير الخارجية انه من المتوقع أن يتم تفعيل حزمة التشريعات المسماة “مربية الاستثمار” والتي تعنى بدعم الدولة للمشاريع الاستثمارية الضخمة قريبًا.
وقال بعبارةٍ أخرى، ستحظى المشاريع الاستثمارية التي تفوق قيمتها 30 مليون يورو (أو ما يسمى بالمستثمرين الاستراتيجيين) بتسهيلات خاصة من قبل الدولة. ومن الممكن أن تمنح الدولة المستثمرين الاستراتيجيين جملةً من الحوافز الجاذبة، أود سرد بعضها:
• مزايا ضريبية وجمركية فريدة (تتمثل بإلغاء ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية على استيراد المعدات التي سيتم استخدامها في المشروع الاستثماري. وستمتد الفترة التي يمكن خلالها استيراد المعدات دون دفع الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة من 1 يناير 2021 إلى 1 يناير 2035).
• الأحقية في الاستملاك، وضريبة أملاك مخفضة (بما في ذلك إعفاء المستثمرين التام من الضرائب المفروضة على الأملاك).
• وأحد الحوافز المثيرة للاهتمام – مدير شخصي على المستوى الحكومي، يتولى مساعدة المستثمر على التعامل مع الأنظمة الأوكرانية، وإنجاز المعاملات الورقية وتنفيذ المشروع الاستثماري.
• إضافةً إلى ذلك، سيتم إعفاء المستثمرين من ضريبة الدخل.
إذًا كما ترى، تتخذ أوكرانيا كافة التدابير اللازمة لتسهيل ممارسة الأنشطة التجارية على المستثمرين الأجانب. ونعتقد أن البيئة الاستثمارية التي تسود أوكرانيا حاليًا من الأفضل في أوروبا الشرقية.
ووفقًا لتقرير “Doing Business” لهذا العام، صعدت أوكرانيا سبع درجاتٍ عما كانت عليه في الإصدار الأخير. وآمل أن يكون المستثمرون الإماراتيون مهتمون باستكشاف الفرص الاستثمارية الممكنة في أوكرانيا. وعلى وجه الخصوص، نحن مهتمون بالتنفيذ المشترك للمشاريع المتعلقة بالزراعة والبنى التحتية والإسكان والسياحة والطاقة وتكنولوجيا المعلومات. كما أننا على استعداد لإتاحة الفرصة للمستثمرين الإماراتيين للمشاركة في خصخصة بعض الشركات الحكومية الرائدة. لا سيما تلك المعنية بالزراعة والطاقة والتعدين والكيماويات والبنى التحتية.
وتبعًا للإمكانات المالية الكبيرة التي تمتلكها دولة الإمارات، والإمكانات الزراعية والصناعية والتكنولوجية التي تمتلكها أوكرانيا، يعد تنفيذ المشاريع المشتركة في الدول والمناطق الأخرى كإفريقيا أحد مجالات التعاون الواعدة في مجال الاستثمار.
وكأحد أبرز الأمثلة على مشاريع التعاون الناجحة ما بين أوكرانيا والإمارات في مجال الاستثمار، قال الوزير الاوكراني أود أن أذكر أضخم شركة مشغلة للموانئ في العالم – الشركة الإماراتية المشهورة على مستوى العالم “موانئ دبي العالمية” والتي تمارس أنشطتها في الموانئ الأوكرانية.
فمنذ عام 2016، أبرمت شركة “P&O Maritime”، وهي إحدى الشركات التي تملكها موانئ دبي العالمية، عددًا من الاتفاقيات المتعلقة بتطوير البنى التحتية للموانئ الأوكرانية. ومنذ عام 2018، بدأت شركة “P&O Maritime” تقديم خدماتها في ثلاثة موانئ أوكرانية بفيدني، كورونومورسك، وأوديسا. وفي فبراير 2020، حصلت موانئ دبي على أضخم استثمار في مجال البنى التحتية في أوكرانيا مستحوذةً على 51% من نفق حاويات TIS الواقع في ميناء بفيدني في منطقة أوديسا.
وذكر أن بعض المستثمرين الإماراتيين أبدوا اهتمامهم بعدد من المشاريع في أوكرانيا. وفي هذا الصدد، أود أن أؤكد مجددًا على أن أوكرانيا مستعدة لدعم المشاريع الإماراتية في إطار تعزيز سبل التعاون المتبادل في مجال الاستثمار، وتهيئة أفضل الظروف للمستثمرين، وبما يضمن حماية استثماراتهم.
وأكد مشاركة أوكرانيا بجناح ضخم في معرض دبي إكسبو 2020 بالشكل الأمثل، والمقرر اقامته في اكتوبر 2021 بقوله ” أعتقد أن إكسبو-2020 سيكون الحدث العالمي الأهم في التاريخ المعاصر لدولة الإمارات، وستسهم مشاركتنا في تعزيز العلاقات الثقافية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية ما بين أوكرانيا والإمارات.