خريطة الفرص التصديرية للصناعات الغذائية بقلم ليلي حسين

عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية اليوم الاثنين، ندوة مشتركة عبر الإنترنت بالتعاون مع المجلس التصديري للصناعات الغذائية، بعنوان: “خريطة الفرص التصديرية للصناعات الغذائية”، تم خلالها استعراض نتائج دراسة أجراها المركز لصالح المجلس التصديرى، وهى دراسة مميزة تتناول الفرص التصديرية للصناعات الغذائية بشكل تفصيلى، من حيث المنتجات وموقف الدول المنافسة، فى إطار ما تحتاجه مصر للتحرك بشكل سليم وعلمى فى ملف زيادة الصادرات.

واستعرض الفريق البحثى برئاسة الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز والفريق البحثى، أهم ما جاء بالدراسة ونتائجها، والتى تهدف إلى ترجمة الهدف العام للدولة بزيادة صادرات قطاع الصناعات الغذائية إلى خريطة الفرص التصديرية التفصيلية المرتبطة فعليا بالقطاع من حيث المنتجات والأسواق، وفقا لأحدث بيانات التجارة بمنظور مستقبلى، وفى إطار توجهات أهم الدول المنافسة لمصر في هذا المجال.

وتضمنت منهجية الدراسة 4 أبعاد، هى درجة استجابة الصادرات المصرية لتغيرات الطلب العالمى، وعمل تحليل تفصيلى لديناميكية صادرات الصناعات الغذائية لعام 2019، وتحديد أفضل الأسواق وأكثرها ربحية من أكبر 20 دولة مستوردة، بجانب تحليل إضافى لظواهر معينة ظهرت خلال التحليل، وينتهى التحليل إلى نتيجة أهم الأسواق التي نحتاج التركيز عليها مستقبليا وإلى أي درجة، بجانب محاولة لتقدير زيادة الصادرات الممكنة من كل منتج.

ومن خلال هذا التحليل تم استنتاج الفرص الغير مستغلة لمصر التي يمكن أن تدخل فيها في التصدير، وتقييم القيمة المادية التي يمكن أن تضاف إذا استفادت من هذه الفرص بالتطبيق على 37 سلعة، وانتهت النتائج إلى أنه يمكن زيادة صادرات الصناعات الغذائية بنحو 59% إلى 5.5 مليار دولار سنويا مقارنة بـ3.5 مليار دولار عام 2019، إذا تم زيادة أسواق التصدير المستهدفة بنحو 1% فقط، كما قامت الدراسة بتحليل الحساسية لكشف مواطن التفاوض الجمركية التي اذا استغلتها مصر يمكن أن تكسب أرضية جيدة في زيادة الصادرات.
وكشفت الدراسة بعض السمات العامة المرتبطة بقطاع الصناعات الغذائية، والتي تتمثل أهمها في تراجع صادرات مصر في العديد من المنتجات التي تشهد طلبا عالميا متزايدا، بجانب إمكانية زيادة الصادرات وفتح أسواق جديدة، حتى وإن لم يكن هناك اتفاقيات تجارية قائمة، وقالت الدراسة أنه بخلاف الدول المنافسة، لا تستفيد مصر بشكل فعال من الاتفاقيات التجارية القائمة خاصة مع الدول العربية والاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى فردية محاولات فتح الأسواق الجديدة وعدم استدامتها مقارنة بالدول المنافسة.

واقترحت الدراسة عددا من التغييرات المطلوبة في السياسات على المستويين الخارجي، والداخلى لحل المشكلات التي تواجه الصادرات، والتي رصدتها الدراسة بشكل تفصيلى، ومنها على سبيل المثال عدم توافر معلومات كافية عن أداء الدول المنافسة والفرص المتاحة بالأسواق الخارجية بما يسمح لمصر باستغلال هذه الفرص، وهو ما اقترحت معه الدراسة وضع آلية واضحة يتم من خلالها جمع المعلومات في إطار دوري منظم ورقمي ومتاح للجميع، وتفعيل دور مكاتب التمثيل التجاري في جمع هذه المعلومات بشكل مؤسسي لا يعتمد على تميز فردي.

ودعت الدراسة إلى تغيير السياسات على المستوى الداخلى وهى تخص عدة جهات وهى هيئة سلامة الغذاء التي لها دورها الهام وهناك حاجة شديدة لتنمية قدراتها، بجانب الزراعة، والجمارك، والقطاع غير الرسمي، والتعبئة والتغليف، والعمالة الماهرة، ودعم الصادرات، والتسويق، والشحن (محليا وخارجيا)، والتنسيق مع القطاع الخاص فيم يتعلق بالمبادرات الحكومية التي يتم اتخاذها تجاه القطاع.

وشددت الدراسة على أن تنفيذ السياسات المقترحة بنجاح يتوقف على التنسيق الفعال بين جميع الجهات المعنية (وزارة التجارة والصناعة، وزارة المالية، البنك المركزي… إلخ) بعضها البعض من جهة، وبينها وبين القطاع الخاص من جهة أخرى، لافتة إلى أهمية الانضمام إلى القائمة البيضاء الخاصة بهيئة سلامة الغذاء، لإعفاء المصنعين من الكثير من المشاكل المتعلقة بعمل مختلف الأجهزة الحكومية المعنية، وضرورة حل جميع مشاكل القطاع الزراعي، لا سيما المؤسسية منها.

وأكدت على محورية كفاءة وزارة المالية في تحديد مدى فاعلية منظومة الحوافز التصنيعية والتصديرية، والانتباه إلى ظهور أنماط جديدة من الاتفاقيات التجارية تقوم على أسس غير جغرافية، وأهمية وضع تعديل ذكي وفعال لمنظومة رد أعباء الصادرات بما يتفق مع الفرص المستقبلية للتصدير، والانتباه إلى التغير الحادث في العالم نتيجة COVID 19 بما يتضمنه ذلك من فرص ويفرضه من تحديات، بجانب الحاجة الي التحديث المستمر للبيانات حتى تكون الاستفادة كامله من هذه الدراسة مع استكمال الدوائر.

وعقب هانى برزى رئيس المجلس التصديرى للصناعات الغذائية، قائلا إن التعاون مع المركز المصرى للدراسات الاقتصادية لإجراء هذه الدراسة المميزة، يأتي في إطار السعي لتحقيق مستهدف الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيادة الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار خلال 5 سنوات بشكل علمى مدروس، على أن تكون نتائج هذه الدراسة بمثابة خارطة الطريق لعمل المجلس خلال الفترة المقبلة على تحقيق هدف زيادة الصادرات.

وأعلن برزى عن تشكيل مجموعة عمل بالمجلس لبدء العمل على توجيه تذليل العقبات أمام الصادرات الغذائية وفتح أسواق تصدير جديدة، ووضع الدراسة أمام الجهات الحكومة لحل مشاكل القطاع، داعيا لأهمية التشاور مع القطاع الخاص، وضرورة الاستقرار التشريعى الخاص بالصناعة لتهيئة بيئة الاستثمار وزيادة الصادرات، بالإضافة إلى إعادة هيكلة دعم الصادرات، وهيكلة صندوق دعم الصادرات حتى يمكن تنفيذ برامج تتناسب مع كل قطاع على حدة لتحقيق هدف زيادة الصادرات.

من جانبه قال محمود بزان عضو مجلس إدارة المجلس التصديرى للصناعات الغذائية، إن الدراسة “جريئة”، وتضمنت جميع المشكلات التي يعانى منها القطاع، لافتا إلى أنها بداية الطريق لزيادة القاعدة التصديرية وفتح فرص جديدة امام الصادرات المصرية، مؤكدا أن حل جانب من هذه المشاكل يمكن أن يسهم في عمل طفرة في الصناعات الغذائية.

طارق توفيق نائب رئيس اتحاد الصناعات المصرية، أكد على أهمية الدراسة التي جاءت محددة وبالتالي هي بداية الطريق للحل، مشيرا إلى أن أحد أهم أسباب مشكلة هيئة سلامة الغذاء وغياب الكوادر الفنية هو وقف التعيينات الحكومية، مطالبا بضرورة تعيين كوادر شابة مؤهلة، بالإضافة إلى حل مشكلات وزارات المالية التي تمثل 50% من المشكلة ممثلة في الجمارك والضرائب، ودعا إلى تشكيل لجنة بمجلس الوزراء لدراسة الأثر التشريعى لأى قانون أو قرار يتم اتخاذه لأن التخبط الشريعى أحد أهم أسباب تراجع الصادرات وعدم جذب استثمارات.

وشدد عمر مهنا رئيس مجلس إدارة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، على ضرورة سرعة الاستجابة لحل هذه المشاكل لسرعة اتخاذ الإجراءات وهو ما يجب أن يتم على أعلى مستوى لتحقيق هدف الدولة في زيادة الصادرات.

من جانبها قالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، إن الدراسة بينت أهمية الحاجة إلى معرفة المعلومات التفصيلية ودراسة الحوافز، والحاجة إلى إعادة نظر في المنظومة المؤسسية المتحكمة في التصدير لتذليل عقبات التصدير، مؤكدة أهمية إجراء هذه الدراسة على كافة أنواع الصادرات لكشف الفرص التصديرية بشكل محدد.

وأشارت عبد اللطيف إلى أنه سيتم التواصل مع مكاتب التمثيل التجارى ومدهم بنتائج الدراسة والتحليل للـ37 سلعة التي شملتها، حتى يتم التحرك لتفعيل الاستفادة من هذه الفرص، كما سيتم عرض النتائج على الجهات الحكومة لاتخاذ إجراءات بشأنها.

Loading

ليلى حسين

Learn More →

اترك تعليقاً