طارق سالم
ما نراه في حياتنا اليومية من نفوس خبيثة نفوس مريضة نفوس تحمل الغل والكره والحسد نفوس هي كالحجارة أو اشد قسوة لا تراهم إلا وقلوبهم شتى وما تحمله داخلها اشد .
نرى هذه النفوس بيننا وبجانبنا ونسمع عنهم كل يوم في خبر أو حادثة أو قول أو فعل وأحيانا تجد كثير من هذه النفوس من المقربين للأسف سواء كانوا من الرجال أو من النساء.
يقول الله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )
فهذه الأشياء التي تجري في داخل النفس لا يطلع عليها أحد من الناس الله – تبارك وتعالى- يعلمها ويطلع عليها ولا يخفى عليه منها خافية .
قال رسول الله ﷺ: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
وهذه الأمور الثلاثة متقاربة في المعنى والفرق بينها والله تعالى أعلم أن المودة هي خالص المحبة فهي إصغاء القلب وميله إلى المحبوب فالمحبة على درجات ومن هذه الدرجات المودة “في توادهم وتراحمهم” وأما الرحمة فهي معروفة تكون بالقلب وتظهر آثارها بمعنى أن الرحمة الصفة المعروفة عند المخلوقين تعني لوناً من الشفقة على المرحوم والتوجع ومحبة الخير له والتأذي بما يحصل له من الضر وما إلى ذلك مما يمكن أن يقرب معناها بالنسبة إلينا وأما التعاطف فإن العطف يدل على شفقة على المعطوف عليه وبعض أهل العلم يفرق بين هذه الأمور الثلاثة يقولون: إن التواد هو ما يحصل به التقرب إلى الشخص بهدية ونحوها وأما الرحمة فهي معروفة يفسرونها بمعناها المعروف وأما العطف فهو بمعنى العون والتضافر من الانعطاف.
• وقوله تعالى ( ونفسي وما سواها فألهمها فجورها وتقواها )
من هنا نجد بحياتنا اليومية مثل هذه النماذج القاسية قلوبهم وأصحاب النفوس القبيحة المليئة بالغل والحقد والحسد ودائما ما تذهب لفعل الشر أو ما شابه ذلك من أمور العدوان البشرى الغير مبرر سواء كان قولا أو فعلا . وتجدهم وقلوبهم شتى خالية من الرحمة والعطف والمودة بين بنى البشر وتجدهم وأعينهم تفيض بالكراهية من سهام نظراتهم القاتلة وما تخفى صدورهم أكبر وتجدهم وقلوبهم هي كالحجارة أو أشد قسوة .
• هذه الأنفس القاسية قلوبهم تعيش معنا وحوالينا وجنبا ولكنهم يتوادون إلينا بالتمسح وحلو الكلام ولكن ما تحمله قلوبهم إلى المجتمع هو انتهاز الفرصة للنيل منه ومن أفراده سواء صغارا أو كبارا وينتظرون الفرصة للنيل من فريستهم بأي شكل من الأشكال سواء بالعنف الذي يتمثل بالقتل أو الاعتداء البدني والجسدي أو عن طريق النفاق ونشر الوقيعة بالمجتمع حتى ولو كانوا من المقربين لهم بالشارع والحارة والبلدة والوطن .
• هذه الأنفس القاسية قلوبهم تجدهم عندما تنظر إليهم يدعون ويكتسبون كل أنواع الطيبة والمسكنة التى أحيانا ما توجع القلوب الطيبة الرحيمة فتهم بالعطف عليهم وترضيتهم بما يملكون من أنواع المساعدة سواء مادية أو معنوية . وعندما يحصلون على هذه المساعدات تجدهم عندما ينصرفون يتمتمون بكلمات خبيثة تنطق بها السنتهم الثعبانية التى تشع السم دائما وعدم الرضا على هذه المساعدات .
• هذه الأنفس القاسية قلوبهم تجدهم حتى بأسرهم لا يفرقون بين المودة والرحمة التي بالعادة ما تتسم بها كل أسرنا فتجدهم ضعفاء عند الحاجة وكأن على رؤوسهم الطير ويتفنن في تمثيل المسكنة المكتسبة حتى يحصلون على مصالحهم حتى ولو على حساب أسرهم ثم بعد ذلك تجدهم انقلبوا على أعقابهم وعادوا إلى أنفسهم الخبيثة والقاسية التي لا تحمل أبدا الحب والود والمحبة ولكنها تحمل الأنانية المطلقة وتقول أنا ومن ورائي الطوفان ويظهر الرجولة الخائبة التي هي بالأساس هشة وليس لها جذور ولا سمات الرجولة الحاقة التي يعلمها الجميع وهى الرجولة التى تحمل النفس السوية النفس الصالحة التى تحب الخير للجميع وتعمل على نشره بالمجتمع .
فتعالوا بنا نحذر من هذه النفوس ونعمل على تجنبها أو تقويمها أو نبذها من المجتمع حتى نعيش سويا في تعاطف وتواد وتراحم .