قضاة الميديا.

كتبت / غادة العليمي. 

بعض الحقائق بديهيه حتى ولو مخيفة حقيقية حتى ولو كانت مجلبة للتشاؤم
فنحن كاوراق على شجرة الحياة يسقط منا فى كل يوم من يسقط ويبقى من يبقى ولا عجب لانها سنة الله فى الارض ، وهذا الفقد واحد ولو تعدت اسبابه گأن يصاب احدهم بالمرض او يقع ضحيه حادثه او ضحيه لنفس قلقه اوقلب ممتلئ وجع وفى النهاية كلها اسباب لنهاية واحدة معلومة مسلم بها
ومسلم ايضا بأن الراحلون يسقطون فى بقعة ظلام و يغيبون فى متاهات النسيان تحت مسمى الحى ابقى من الميت
وهذا ايضا قانون بديهى اخر.. مُقبض لكن معلوم تتوالى عليه الاجيال وتنتهجه البشرية مهما تغيرت السنوات مهما تقدمت التواريخ
الا ان اخترعوا التريندات وبرامج التوجيه الجماعى وشحن الضمير الجمعى الذى تستقطب بعض المفقودين من عالم الظلام الى اقصى بقعة ضوء ممكنة
فتجد من بين الف ضحية وضحية قتل
ضحيه تختار الميديا لتصنع منها ملحمة شهادة وتنزف من اجلها المقالات والمنشورات دم الكلمات وتتباكى عليها اللايكات وتولول من اجلها ايقونات الشير والنسخ وتشتعل فى مراسم تأبينها نار وثنية عابدة للشهرة اسمها التريند
فتنقلب الميديا فى مظاهرة مناحة جماعية على نموزج تسميه الشهيد والفقيد وزهرة الشباب ورجل الرجال وتتجاهل تماما نموزج اخر نبيل مشرف تتجاه كأنه لم يكن لا تشير حتى اليه من بعيد بأى تعاطف
وتجدها فى احيان تصنع من مشادة عادية قضية اسطورية وفى ايان اخرى تجعل من نظيرتها مجرد عاركة وانفضت وانتهى الامر
عالم خفى يدار من خلف الستار تحكمه اشباح غير معلومة
تعمل فى الخفاء لديها اصابع مرعبة تشير نحو من تختاره ليسحب بقلب بقعة الضوء واخر ليلقى فى فوهه الظلام والنسيان والاهمال
مخيفة هذه الشاشات التى لا تعلم من خلفها وكأنك فى عرض مسرحى سحرى لساحر يصنع طلاسم مخيف خلف ساتر يخفى ملامحه فتحبس انفاسك خائف من ان تكون انت التالى فى فقراته التى يختار دوما ان يشاركها الجمهور الذى يشاهد ويصفق واحيانا يقع عليه الاختيار ليصعد للمسرح ويشارك فى العرض
مخيف ان تكون اداه فى يد خفية او ان تجد نفسك فجاءة فى مواجه طوفان قطيع مجرد من العقل يردد ما ينفيه فكرك ويصدق مالا يقره منطقك ويحاكم من ترى انه ليس اهلا للحكم عليه واذا ما قررت التصدى حُكمت معه وحُرِبت عنه وحصلت على كل الالقاب المريعة المخجلة التى لا تقبلها على نفسك فتصمت.. وتتحول من خانة النبيل المواجه للباطل لخانة الشيطان الاخرس عن الحق.. ومن يموت بالفعل يستريح لانه امام قاضى القضاة الحكم العدل اما من يحيا فيظل يتعذب لان من يحاكموه هم قضاة الميديا مستشارين التريند حيث لا قانون الا قانونهم.. لا شهود الا منشوراتهم
فى مفارقة مبكية مضحكة تذكرنى باسم عرض مسرحى قديم للزعيم اسمه.. شاهد ما شفش حاجة.

Loading

خالد ابراهيم

Learn More →

اترك تعليقاً