على رفرف الجرار تجد الحب ومتعة الحوار.

كتب / طارق سالم. 



عندما كنا نعيش في الزمن الجميل زمن الحب والعشرة والمودة والطيبة زمن الإبتسامة التى لا تغيب عن الوجوه زمن القلب الصافى الخالى من الحقد والكره والحسد زمن كانت كل خطواته تدلنا على الطريق الصحيح التى كانت تزينه الخضرة على جانبيه وترى الترع والأنايات تتجمل بالمياه الصافية التى تري صورتك بطبيعتها وهى تتلاعب على وجه مياهها وتتمايل وكأنها تغازلك وترسم لك خيوط الضحكات والابتسامات ترى صورتك وكأنك شخص أخر خالى من الهموم والأثقال التى تمر بها طوال اليوم فتفرح وتسعد وتنحنى لتمد يدك لتلامسها
· كل منا كانت له حياته وسط أهله وعائلته وداره وحقله وجيرانه وطرقاته واشجاره وطائره الذي ينشد له اجمل الألحان وهو يطير بجناحيه بالسما الزرقاء التى تعكس لك لون البهجة والأمل وتعزف لك أنشودة الخلود .
· كل منا كان يعيش في مجتمع ريفى طبيعى دون تجمل ولا تصنع ولا تكبر مجتمع يحمل كل الخير بأماكنه ودوره الطينية البنية التى كانت جدرانه تشع الدفئ والحب والحنان وطرقاته الترابية اللينة عند المشى والجرى واللعب على سطحها وكأن ترابها هو الحامى لأقدامنا ورائحته تملئ أنفاسنا دون تعب أو نصب أو ضيق ومصاطبه التى كانت هى منابر العلم أحيانا وكانت هى منابر المتعة أحيانا وكانت هى مسرح الفنون الحقيقي كانت هى منبع النكات والضحكات كانت هى العشق لكل من يجد في قلبه الحب والصدق واللمة الجميلة وهى المحكمة التى تحكم بين الناس كانت هى مصدر السعادة لكل العائلات وكان المجتمع يحمل المعنى الحقيقي للطيبة والرقة والجمال يحمل الضحكات والابتسامات لكل من يعيش بداخله .
· وبرغم أنه كانت الأدوات التى متوفرة في هذا الزمن إلا انه كان هناك ما يسمى بالجرار الذي ينقل ويحرث ويروى . الجرار الذي كانت ركوبته متعة لكل منا ومع صوته المزعج إلا أنه كان صوت لا يؤذي الاسماع بل كان يشد من أزر من عليه وتعلو اصواتهم وتتجمل وهم يتمايلون تارة نحو اليمين وتارة نحو الشمال وكأنهم يرقصون وهم فى سعادة غامرة .
· وكم من حكاوى وحكايات تروى على رفارف هذا الجرار وكم من قصص كتبت وسطرت وكم من الحب جمع بين عاشقين ونسجوا عشهم من على رفرف الجرار وكم من فرحة كانت تملئ قلوب أهل البيت عندما تحين لحظة الركوب والصعود على هذه الرفارف وكأنها تزف من جديد وسط الطرقات والخضرة والطير والشجر كل كان يحتفى بهم ويزفهم وهم وجوههم تنتشر منها السعادة والفرح وبرغم أن هذه الرفارف صلبة وحديد إلا أنها كانت بالنسبة لهم ريش نعام بملمسها وشكلها وألوانها كانت وكأنها قطعة من الاسفنج تمتص الصدمات كانت بالفعل تحسهم وتحس مقعدهم عليها .
· وبرغم هذا إلا أنه بالفعل ما أروع الجلوس عليها وما أروع الجرار وصوته وما أروع قيادته كان رفيق كل من بالعائلة كل منهم يتسابق ليكون هو الصديق المقرب له وكانت هى تنتظر الوقت لتكون هي أول من يحجز الرفرف التى كثيرا ما روت وحكت وقصت عليه كل ما بداخلها وهو يعلم ولا يفصح ما دار بينها وبين حبيبها أو رجلها أو قلبها أحيانا .
وبالفعل ما أروع أن تجد الحب والحنان والحوار وأنت على رفرف الجرار .

Loading

خالد ابراهيم

Learn More →

اترك تعليقاً