دراما مصريه ترصد حقيقة مجتمعنا الذكوري .
بمعادلة قانون نيوتن هل حققت هنا طرفي المعادله …الفعل ورد الفعل ؟
كنت قد قاطعت الدراما المصريه منذ سنوات طويله وخصوصا الدراما التي تقدم في شهر رمضان ، وذلك لعدة أسباب ، كان على رأسها ظروف عملي التي تتطلب مني الخروج والذهاب للعمل بعد الإفطار مباشرة …ولكن كانت تتاح لي الفرصه عند العوده لمشاهدة اي من هذه الأعمال في السحور ، ولكني لاحظت تردي تلك الأعمال التي تقدم من حيث المحتوى او الأداء ..
ولكن هذا العام أتيحت لي فرصة مشاهدة بعض المسلسلات ، ولكن لم يلفت أنتباهي بل اصبحت حريصه على مشاهدة هذا العمل بتركيز كبير جدا
انه مسلسل لعبة نيوتن …
في بداية الحلقات ، حاولت ان أفهم ماهو هدف المسلسل ، ولأنني أهتم بالتفاصيل الدقيقه جدا ، أخذت أحلل اسم المسلسل ،والتتر الخاص به وهو قانون نيوتن (لكل فعل رد فعل مساوى له في المقدار ومضاد له في الأتجاه) ومن هنا اخذت اركز على رسائل المسلسل واهدافه
كنت أشاهد المسلسل وأرصد الهجوم عليه ، بأنه يدعو للرزيله والزنا …ولكن رصدت أيضا نوعية وطبيعة المهاجمين .
ظللت اشاهد وأرصد ، ولم أشأ أن اكتب إلا بعد أن انتهيت من مشاهدة كل حلقات المسلسل .
سأتحدث عن المسلسل من وجهة نظرا اجتماعيه، فأنا لست متخصصة في الجوانب الفنية الأخرى .
المسلسل يطرح قضايا هامه جدا متعلقه بالمرأه ، والمجتمع الذكوري الذي تربينا فيه حتى وإن أختلف المركز والوضع الأجتماعي ، تظهر ايضا ذكورية هذا المجتمع …
هناء الشابه المعاصره ، المفعمه بالحيويه ، والتي تأخر إنجابها لسن الخامسه والثلاثين ، وعند خوفها من أن تنعدم فرص انجابها بعد محاولات عديده ، فتقوم بأخر فرصه لها وهي الحقن المجهري …
يعرض المسلسل نظرة المجتمع الذكوري للمرأه التي لا تنجب ، ونرى اضهاد المجتمع لها ، وعدم التعاطف معها وتحميلها المسؤليه ، ونجد ذلك متجسد في حماتها اللي بتنغصها بالكلام كل شويه ، وٱنها لسه ماخلفتش لحد دلوقتي …وعلى الحانب الأخر تطلب من ابنها الزواج حتى يكون له أبن
تلك كانت أول قضيه يطرحها المسلسل …نظرة المجتمع القاسيه للمرأه التي لا تنجب ، وكانها لا تصلح للزواج ، ولازم الزوج يتجوز واحده تانيه , سواء تبقى هي على زمته او يطلقها …
ومن خلال حلقات المسلسل الأولى نشاهد بعض اللقطات القليله ، والتي توضح محاولةسيطرة حازم الدائمه على هنا ، وأن تكون تحت سلطته طوال الوقت ثم انه بعد ضغط ، وصبر ، وتحايل من هنا يوافق لها على بعض طلباتها البسيطه ، والتي من حقها أصلا دون استعطاف من حازم …ونرى مدى فرحتها العارمه بموافقته ( هبله طبعا )…
ثم يأتي مشهد التفاقهم والأتفاق على انها ترغب في أن تضع مولودها في امريكا ، ليتمتع بالجنسيه الأمريكيه، وبعدتحايل هنا على حازم يوافق ، ولكن بشروطه هو التي يضعها ، وهي ( ٱذا لم يستطع السفر اليها عليها أن تعود ) …وبالفعل يفشل حازم بالسفر لهنا ويطالبها بالعوده ، وترفض هنا ، ويغلق حازم كل الحسابات البنكيه لهنا ، حتى يجفف منابع الحصول على اموال لتبقى بأمريكا، لأنها لم تنصاع لقراراته وخرجت من تحت عباءته ….
تشعر هنا بأنها في امتحان صعب جدا وتصر على اجتيازه كعادة الكثير من النساء المصريات وقت الشده ..تريد أن تنجح لتثبت لزوجها انها تستطيع وتقدر بدونه ، وإنها شاطره ، ويقدر يعتمد عليها .
ولتثبت لنفسها بأنها قويه وتقدر تعتمد على نفسها
تعاني هنا الكثير وتمر بالكثير من الصعاب التي تجتازها ، واحده تلو الاخرى ، دون ان تتنازل عن اخلاقها …ويزداد ضغط زوجها عليها ، وتقع هنا تحت ضغط عصبي ونفسي كبير ، وتمر بالعديد من المواقف الصعبه ، وتحاول أن تتماسك …وهذا ما تفعله الكثير من النساء المصريات لمواجهة المحن التي يمرون بها في حياتهم .
ثم تأتي قضية المسلسل المحوريه التي يناقشها المسلسل ، وهي الطلاق الشفهي …وكيف شعرت هنا بالمهانه، عندما طلقها حازم وهي تضع طفلها …
تتصل به لتبلغه بأنها تحتاج له ان يكون بجوارها ، وتبلغه انها نجحت ، وتضع طفلهم في امريكا ، وتفاجأ بطلاقه لها وتخليه عنها واتهامها بالزنا والرزيله .
تتوالى المشاكل والضغوط على هنا وتتغلب عليها اكثر
يطرح المسلسل القضيه لأنها موجوده في كثير من البيوت المصريه …الطلاق الشفهي الغير موثق ….لتتهم هنا بتعدد الأزواج وتتهم بالزنا من قبل حازم لزواجها بعد انقضاء عدتها دون حصولها على وثيقة طلاق ، فعلت هنا ذلك لتحافظ على طفلها ، ويعود الى احضانها …جسدت هنا اروع المشاهد الواقعيه للأمومه ، وقلب الأم الذي يفعل المستحيل من اجل اولاده
عرض المسلسل ايضا المجتمع الأمريكي كيف يتعامل مع الطفل الأمريكي ، وكيف يحرص على توفير المناخ الملائم للطفل الأمريكي ، يعرض المسلسل جفاف هذا المجتمع من العواطف ، والتي تتعارض تماما مع طبيعة مجتمعاتنا المصريه ….فيطرح قضيه اخرى مهمه امامك ويضعك فيها لتقرر ايهما احسن وتختار .
يستمر المسلسل في طرح إهانة حازم لهنا ، وكسرها مرة تلو الأخرى ، وهي تحاول الصمود والعبور ، واكمال حياتها …
ثم يعرض المسلسل لمشكلة ذكورية اخرى ، الزوج الأخر الذي يشعر بالمهانة ، لان هنا ترفضه فيحاول الحصول عليها دون رغبتها كأنها حيوانه ، ولكن كعادة المرأة المصريه الطيبه ، تهرب هنا وتلجأ لمن دمرها تلجأ لجلادها، من كان سببا في كل ما مرت وتمر به ….وهذا يوضح كارثة اخرى بسبب تربية المرأه التى تربت عليها ، وهي أن تكون تابعه، بدلا من أن تكون مستقله ….
تمر احداث المسلسل باستعراض لحظات ضعف وقوه لهنا ، وأخفاقات ونجاحات لها ، لتقدم لنا هنا نموذج حقيقي للمرأه المصريه …ولكن تنجح هنا في ان تثبت للجميع انها تستطيع ان تواجه صعاب الحياه بمفردها ..تثبت لنفسها ولحازم ومؤنس ..
استطاعت هنا ان تتغلب على مشاكلها الراسخه بسبب تربيتها الذكوريه .
يناقش المسلسل جانب اخر لنماذج نسائيه اخرى
البنت الشابه التى ترفض الحجاب ، والنقاب ولكن يتم مساوماتها على لبسهم ، مقابل حصولها على ما تريد وهو الألتحاق بالجامعه الألمانيه ….ولكن تستطيع هذه الفتاه التمرد على هذه الحياة ، وأن تعيش سجينه هذه العادات ، وتهرب الى اليابان لتعيش الحياه التي ترغبها …تعيشها وهي معتمده على نفسها ، وانها تقدر على تحقيق حلمها ، وترفض ان تعيش سجينة النقاب والتعصب الديني ،
نموذج آخر للمراأه القويه …والدة حازم ،راقصة الباليه التي رفضت التخلي عن حلمها ، في أن تظل راقصة باليه ، وتقوم بفتح مدرسه لتعليم الباليه ، ويقوم زوجها بمساومتها على ما تحبه ، وأن تتخلى عنه وتعيش داخل محبسه، وإلا فالحرمان من ابنها …وكيف استغل الزوج سلطته في قهرها ، ومحاولة إزلالها وإخضاعها لقراراته …ولكنها لم تفرط في حلمها حاولت كثيرا التواصل مع ابنها مؤنس ولكن والده قد سمم أفكاره تجاه والدته.
قدم المسلسل قضايا ، اجتماعيه حقيقيه ،موجوده ببيوتنا واسرنا المصريه ، وصراعات وضغوط نفسيه حقيقيه وموجوده ، قدم لحظات الضعف الأنساني ، وان الأنسان مهما اظهر من جبروت ، لكن هناك لحظات ينهار فيها ، ويظهر من خلالها كم هو كائن بشري ضعيف ، ونجح مؤنس في تجسيد ذلك ، وايضا هنا
طرحها ، وضغط على الجرح في محاولة منه ، من لفت نظر المجتمع لأيجاد الحلول وكذلك حث النساء ، اللائي يعانين من ذلك للصمود، والأعتماد على انفسهن، والخروج من هذه العبوديه الذكوريه ….
اوضح المسلسل رفض المرأه تلك التربيه ، والعيش داخل تلك الحظيره الذكوريه ، برفض هنا أن تربي أمها اختها مثلها ، وتدخلت هنا في تربية أختها لتكون قادره وتستطيع الأعتماد على نفسها ، حتى إننا وجدنا أختها تقف في وجهها وتطلب منها ان تعترف بأنها مسؤله عن الكثير من المشكلات التي وقعت فيها ، وهنا تفرح هنا لأنها احسنت تربيتها ….ربتها احسن منها …..ربتها انها تكون واضحه وقويه
وفي الاخير وجه المسلسل رساله قويه ، لكل رجل حارب زوجته ، وحرمها من أولادها ، وذلك من خلال الحوار النهائي في المسلسل بين هنا ومؤنس ( ماحدش بينسى أمه يا مؤنس….هيكرهك لانك حرمته مني …الأم ما تتنسيش يا مؤنس …)
رساله لكل رجل تسول له نفسه بحرمان أم من اولادها (انا اكلك واقطعك بسناني يا مؤنس …سيب ابني )
تحياتي لكل فريق عمل المسلسل وعلى رأسهم القويه مني زكي …
وصلت رسائلكم بنجاح كبير جدا ، وإن كانت بعيده عن لعبة نيوتن
ولمن هاجم المسلسل فشلت رسائلكم في الوصول