كتب / محمد سعد
تُشارك سلطنة عُمان مُمثلة بهيئة البيئة حاليًا في المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، المُنعقد في مدينة مرسيليا بالجمهورية الفرنسية ويستمر حتى العاشر من سبتمبر الجاري، بمشاركة الدول الأعضاء وعدد من المختصين والخبراء بالشأن البيئي من مختلف دول العالم.
تتضمن أعمال المؤتمر جلسات حوارية وندوات ومحاضرات حول مواضيع مختلفة ومتعددة تتعلق بقضايا التنوع الأحيائي والمناطق المحمية والتحديات والحلول المبتكرة المرتبطة بالطبيعة.
يلتقي الوفد العُماني المُشارك في المؤتمر بعدد من المختصين من الدول الأعضاء بالاتحاد، بحضور الفعاليات المُصاحبة من لقاءات واجتماعات ومناقشات لمختلف القضايا البيئية والمواضيع المتعلقة بصون الطبيعة والتنوع الأحيائي بهدف التعرف على الفرص والخبرات العالمية وإمكانية الاستفادة منها لتطوير الجوانب العلمية والتقنية وبناء القدرات الوطنية في المجال البيئي.
وتشتمل فعاليات المؤتمر على معرض يستعرض تجارب الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، وخبراتها وتجاربها في مجال صون الطبيعة وحماية التنوع الأحيائي البري والبحري وتنمية المناطق الطبيعية، وإبراز البرامج والمشاريع، والجهود التي يتم تنفيذها للاستفادة منها من قبل بقية الدول الأعضاء.
وقد حرصت سلطنة عُمان منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي، خلال مسيرتها التنموية والنهضوية على انتهاج التوازن الذي يجمع أهمية استمرارية واستدامة مسيرة التنمية بكافة أبعادها من جهة، وكذلك الحرص على مقتضيات سلامة البيئة وحماية الحياة الفطرية من جهة أخرى، وهو ما أكد عليه دوماً السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان في أكثر من مناسبه.
وانطلاقًا من هذا التوازن خطت مراحل التنمية العُمانية في مساراتها المرسومة مع إيلاء البيئة الاهتمام الذي يليق بها، بحيث لا يطغى جانب على آخر، أو تحديدا أن لا يطغى مسار التنمية على مسار الحفاظ على البيئة، خصوصا وأن هناك نهضة تنموية تشهدها السلطنة وانتعاشًا اقتصاديًّا يدفع نحو تفعيل كلِّ قطاعات التنمية ورفدها بما تحتاجه من الدعم والوسائل ليأخذ مكانه في سلَّم التنمية، ويلعب دوره المنتظر منه.
وفي سبيل إنجاح هذا التوازن جاءت الأنظمة والقوانين والتشريعات العُمانية مُواكِبةً للنهضة التنموية، ومُلبِّيةً لاحتياجات البيئة وسلامتها والحفاظ عليها وصونها من التلوُّث، وحمايتها من أي اعتداء. كما أخذت سلطنة عُمان بكافة المعايير الدولية التي تمخَّض عنها بروتوكول كيوتو، وكلِّ المواثيق التي نصَّت على احترام التوازن البيئي، وخفض انبعاث الغازات الضارة، وفي هذا المضمار حرصت عُمان على أن تكون سبَّاقة إلى التنبيه إلى أهمية هذه الموازنة بين قطاعات التنمية والإنتاج وبين حماية البيئة والوسط المحيط، والدعوة إلى الإصحاح البيئي.
ومما يحسب لسلطنة عُمان طوال عقود النهضة أنها التزمت التزاما تامًّا بالمواثيق والمعاهدات والبروتوكولات المنظِّمة وذات العلاقة بالبيئة والتغيُّر المناخي، واحترمتها أشد احترام، بل إنها من الدول السبَّاقة إلى توفير جهودها وتوظيف خبراتها في مجال حماية البيئة وسلامتها، والتعاون مع المنظمات الدولية، والدعوة المستمرَّة إلى أهمية إيلاء البيئة الاهتمام الذي يليق بها وبمكانتها، والحفاظ على سلامتها وعدم الاعتداء عليها.
فقد قدَّمت عُمان شهادات استحقاق لريادتها في مجال حفظ البيئة وصونها، وأعطت المثال الحيَّ والأخلاقي في هذا الجانب، وأسهمت مع الشركاء الدوليين والمنظَّمات الدولية المهتمين بنظافة البيئة وسلامتها في تشجيع الآخرين لأن يحذو حذوهم، وخصصت جوائز كجائزة السلطان قابوس لحماية البيئة التي تُعد أبرز نموذج لمواقف السلطنة المشهود بها في خدمة قضايا البيئة.