بيان المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في الإحاطة الإعلامية بشأن كوفيد-19 بقلم ليلي حسين

مرحبًا بكم في أول إحاطة صحفية لنا في عام 2022، وأتمنى لكم ولأحبائكم عامًا جديدًا مليئًا بالصحة والسعادة. 

لقد كان عام 2021 عامًا صعبًا على معظمنا. وعلى الرغم من التقدم المذهل المُحرَز في تطوير أدوات فعالة للوقاية من الجائحة ومكافحتها، مثل اللقاحات والعلاجات، ما زلنا نرى أعدادًا متزايدةً من المصابين الذين يتوفى كثير منهم بسبب هذا المرض. 

فحتى 8 كانون الثاني/ يناير، أبلغ إقليم شرق المتوسط عن نحو 17.5 مليون حالة إصابة مؤكدة بمرض كوفيد-19، وعن أكثر من 317 ألف حالة وفاة. وخلال الأسبوع الأول من عام 2022، وصل إجمالي الحالات الجديدة المُبلغ عنها إلى 206980 حالة إصابة مؤكدة بمرض كوفيد-19 و1053 حالة وفاة. ويشير ذلك إلى حدوث زيادة هائلة بنسبة 89% في الحالات مقارنةً بالأسبوع السابق، على الرغم من انخفاض الوفيات بنسبة 13%.  

ويكاد يكون من المؤكد أن المتحور أوميكرون الشديد العدوى قد تسبب في هذه الزيادة المفزعة في الحالات. وقد أَبلغ رسميًّا حتى الآن 15 بلدًا من أصل 22 بلدًا في الإقليم عن المتحور أوميكرون، وفي ظل تزايد أعداد المصابين، علينا أن نستعد لمواجهة  السيناريو الأسوأ. ويبدو أن أوميكرون يسبب مرضًا أقل شدةً مقارنةً بالمتحور دلتا، خصوصًا لدى الذين تلقوا اللقاحات، ولكن ذلك بالتأكيد لا يعني أن نستهين به، لأنه لا يزال يؤدي إلى الاحتجاز بالمستشفى والوفاة. ومن المتوقع أن يُبلغ مزيدٌ من بلدان الإقليم عن ظهور المتحور أوميكرون بها، وعلينا أن نتعامل مع الأمر بجدية شديدة. 

إننا، ونحن على مشارف السنة الثالثة من الجائحة، ما زلنا نخوض معركة كاملة ضد هذا الفيروس، على الرغم من الأدوات الجديدة مثل اللقاحات والعلاجات. ولكن عدم الإنصاف في توزيع اللقاحات والتردد في أخذها وانخفاض مستويات الالتزام بتدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية قد منح الفيروس فرصةً للتقدم مرةً أخرى. ولكي نتغلب عليه، يجب أن نواصل توسيع نطاق الإجراءات التي نعلم أنها فعالة، بغض النظر عن المتحور.  

ولا يزال من الأولويات الرئيسية أن ندعم العاملين الصحيين في الصفوف الأمامية وأن نمدهم بالمعدات، فقد أنهكهم العمل على مدار السنتين الماضيتين، ولكن دورهم لا يزال بالغ الأهمية، ويستحقون منا كل المساعدة والاحترام. ولم نشهد حتى الآن تعرُّض المرافق الصحية في إقليمنا لضغط يفوق طاقتها، كما رأينا في أقاليم أخرى، ولكن علينا أن نعمل بجدّ واجتهاد لتحسين استعداد المستشفيات وزيادة قدرتها على التعامل مع الأعداد المتزايدة من الحالات.   

ومع تزايد أعداد المصابين، نوصي البلدان بزيادة إتاحة خيارات الاختبارات التشخيصية السريعة المجانية والسهلة، التي توفر مستويات عالية من الدقة، إلى جانب ميزتها الإضافية المتمثلة في أنها أقل تكلفةً وأقل استغراقًا للوقت من اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل، مثل اختبار المستضدات. 

ولوقف انتشار الفيروس وتجنب ظهور متحورات جديدة، ما زلنا بحاجة إلى تحقيق المناعة الجماعية من خلال الوصول إلى مستويات عالية من التطعيم. ولكن مما يؤسف له أن عدم الإنصاف في توزيع اللقاحات والإجحاف في مجال الصحة بوجه عام كانا أكبر إخفاقات العام الماضي. فقد ساهمنا في تهيئة الظروف لظهور متحورات جديدة، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى انخفاض معدلات التطعيم. 

ففي إقليمنا ستة بلدان لم تُطعِّم حتى الآن إلا أقل من 10% من سكانها، وهي أفغانستان وجيبوتي والصومال والسودان وسوريا واليمن. وهذه البلدان لديها ما يكفي من اللقاحات لحماية ما يصل إلى 40% من سكانها، ولذلك فإن المشكلة الآن لا تتعلق بتوفير اللقاحات بقدر تعلقها بتحديات أخرى عديدة. وتشمل تلك التحديات: غياب الالتزام السياسي على أعلى المستويات، وانعدام الأمن، وضعف النظام الصحي، والتحديات اللوجستية، ومحدودية التفاعل مع المجتمعات المحلية لتمكينها من الحصول على اللقاح. 

وعلى الرغم من ظهور متحورات جديدة، لا تزال اللقاحات أداة فعالة وحيوية في الوقاية من الاعتلال الشديد والوفاة، ويشمل ذلك ما يتسبب فيه أوميكرون. وقد رأينا أن بعض البلدان بدأت في طرح جرعات مُنشِّطة، وموقفنا من ذلك واضح، وهو أننا لسنا ضد الجرعات المُنشِّطة، بل ضد عدم الإنصاف، وهدفنا هو حماية المستضعفين. فيجب تلقيح الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمرض وخيم بالجرعات الكاملة قبل إعطاء جرعات مُنشِّطة لمن هم أقل عرضةً للإصابة بالمرض. ولا شك أنه ينبغي النظر في إعطاء جرعات مُنشِّطة للمُعرَّضين لخطر كبير، فذلك يمكن أن يُنقذ مزيدًا من الأرواح أكثر من إعطاء الجرعات الأولية للمُعرَّضين لخطر منخفض.  

ومع إعادة فتح المدارس في الشهر الحالي، يجب تنفيذ تدابير للتخفيف من المخاطر، مثل تطعيم جميع المدرسين المستحقين للتطعيم والأطفال المعرضين لمخاطر شديدة، وإنفاذ تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية بصرامة في المدارس. ونعلم أن أعراض المرض لدى الأطفال والمراهقين غالبًا ما تكون أخف مقارنةً بالبالغين، ولذلك فإن تطعيمهم يأتي في مرتبة أقل إلحاحًا من تطعيم المسنين وذوي الحالات المرضية المزمنة والعاملين الصحيين، ما لم يكن هؤلاء الأطفال والمراهقون من فئة مُعرَّضة بدرجة أكبر لخطر الإصابة بالأعراض الوخيمة لمرض كوفيد-19. 

إن المرحلة الحرجة من الجائحة التي تتسم بمآسي الوفيات والاحتجاز في المستشفيات يمكن أن تنتهي في عام 2022.  

وسنعمل خلال الأشهر المقبلة على وضع استراتيجية للتعايش مع كوفيد-19 في إقليمنا. ولن يقضي ذلك على الفيروس، ولكننا نستطيع السيطرة عليه بالقدر الذي يكفي للتعايش معه مثلما نفعل مع فيروس الإنفلونزا الموسمية وغيره من الفيروسات الشائعة، التي تتسبب في حدوث فاشيات من حين إلى آخر في الفئات السكانية التي لم تصل إلى مستويات التلقيح المطلوبة. 

ولكننا في الوقت الحالي ما زلنا في منتصف الجائحة. وتتمثل أولويتنا في إنقاذ الأرواح باستخدام جميع الأدوات المتاحة التي ثبتت لنا فعاليتها. ونحن نعلم أن الناس قد تعبوا، ولكن علينا أن نستعد وأن نستبق هذا الفيروس، ولا نسمح له بأن يتقدمنا بخطوة.  

وأقول لعامة الناس، لا غنى لكم عن أداتين رئيسيتين، هما: الحصول على اللقاح عندما يحين دوركم، واتباع تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية التي يمكن أن تحافظ على سلامتك وسلامة أحبائك. واسمحوا لي أن أُعيد على مسامعكم هذه التدابير: ارتداء كمامة تغطي الأنف والفم جيدًا، والحفاظ على التباعد البدني وتجنب الأماكن المزدحمة، وتغطية الأنف والفم عند السعال أو العطس، والتأكد من التهوية الجيدة، وغسل اليدين بانتظام. وأعلم أنكم سمعتم هذه الأمور مرارًا وتكرارًا. ولكن هذه الإجراءات ذات أهمية بالغة خلال الأشهر المقبلة في ظل استمرار انتشار أوميكرون واضطرار الناس بسبب انخفاض درجات حرارة الجو إلى البقاء في أماكن مغلقة تزداد فيها فرص انتشار الفيروس.  

ولن نظل في هذا الوضع إلى الأبد. ولكننا نحتاج الآن، خلال هذه المرحلة الحرجة، أن يكون لكل فرد منا دور إيجابي في وصولنا إلى نهاية هذه الجائحة. وفي إطار رؤيتنا الإقليمية “الصحة للجميع وبالجميع”، دعونا نبني على التضامن الذي رأيناه في بداية هذه الجائحة، لنتأكد من حماية الجميع في كل مكان. 

Loading

ليلى حسين

Learn More →

اترك تعليقاً