مراجعات نقدية
المراسل من السعودية /دكتور ابراهيم اصلان
إذا كان النقد هو التقويم بشقيه الإيجابي والسلبي ، أي إبراز الإيجابيات و السلبيات ونقاط القوة والضعف كجزء من حالة التوازن التي ينبغي أن نتصف بها كمسلمين ، فإننا نحتاج إلى مراجعة لبعض أساليب النقد الدارجة في مجتمعاتنا .
_ النقد والتعبير :
فالفرق كبير بين أن تنتقد صاحبك بهدف تصحيح اخطائه وتسديد خطاه ، وبين أن ( تعيرهُ) بعيوبه ، أي إنك تعتبر العيب منقصة أبدية ، فلا تفتأ تذكره به وتذكره أمام الآخرين وكأنه وصمة عار لاتمحى .
_ النقد والسخرية:
وقد يقع نظرك على عيب أو سيئة تصدر من أخيك أو صديقك أو حتى من الكبار من أهلك ومربيك ومعلميك ، وقد لا يخلو منها إنسان كما في طريقة الكلام ، أو تناول الطعام ، أو المشي ، أو الضحك ، أو بعض الحركات التي تبدو غريبة ، وبدلا من أن تسترها ، أو تحاول أن تنبه إليها من أجل إصلاحها تقوم بعملية تقليد أو تمثيل لها لإضحاك الآخرين والسخرية من الشخص الذي تتقمص شخصيته وتمثل حركاته ، وهذا من أساليب النقد المرفوضة والممجوجة ، فهو ليس نقدا وانما تجريح واستهزاء واستخفاف وازدراء بالآخرين .
_ النقد والغيبة :
والفرق بين النقد الحضوري الذي يتم في محضر الشخص المنقود ويجري بينك وبينه ، وبين الغيبة كنقد غيابي شاسع جدا ، فالاول يمثل التسديد ويعبر عن الاخلاص والجرأة والموضوعية ، وأما الثاني فهي تمثل التحطيم ، وتعبر عن الجُبن ، وأكل الميتة البشرية ( ولايغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه) .
_ النقد والعتاب :
كلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون ، وقد ترى من أخيك خطأ فتضمره في نفسك ، وربما تسول لك نفسك توسيع دائرة السوء فتظن أن الخطأ الذي شاهدته أو سمعته ليس الخطأ الوحيد ، وربما كانت هناك أخطاء أخرى كثيرة ، وقد تتعدى ذلك فتؤول وتفسر خطأه تفسيرات سيئة هو بعيد عنها .
هنا ، كان يمكن أن نلجأ إلى طريق أو حل آخر غير ترك مخالب الخواطر الهدامة تنهش في صورة أخيك في ذهنك ، وهو أن تعاتبه في مواجهة صريحة ومكاشفة تمحو ماعلق في ذهنك عنه ، وقد قيل ( النقد) وفي رواية: ( العتاب صابون القلوب ) لانه محبة ، وحرص على عدم التمادي في التصورات الخاطئة ، وهو حالة نقدية إيجابية تطرد الهواجس والظنون والخواطر الخبيثة التي تنمو بعيدا عن الضوء ، وفي الحديث الشريف : ( لو تكاشفتم لما تدافنتم) .
_ النقد والتقوى :
وقد تنتقد إنسانا له عيوبه وعثراته وزلاته وتجاوزاته ، لكنك لاتراعي اصول النقد وآدابه وخطوطه الشرعية ، فقد تفسقه من أجل أن تغتابه بذريعة أن لاغيبة على فاسق ، وقد تنتهك حرمته وكرامته لا من خلال خطأ رأيته بأم عينك ، وإنما من خلال مسموعاتك عنه ، وقد لاتكون مسموعاتك صحيحة كلها ، وقد تقتطع جزءا من كلامه بما يناسب الإثارة السلبية التي تؤلب الناس عليه ، إلى غير ذلك مما هو خارج إطار التقوى التي تمثل حالة الارتداع عن المعصية التي تمثلها الحالات السابقة وما شاكلها ، لأنها تمثل انتهاكا لحرم الله .