كتبت: سحر عبد الفتاح
صدر حديثًا ديوان (أنت وأنا .. والليل) للدكتورة سعاد الصباح؛ بمناسبة افتتاح معرض الكويت الدولي للكتاب، في السادس عشر من نوفمبر الجاري، سيعرض هذا الديوان في جناح دار سعاد الصباح للنشر، إلى جانب العديد من الكتب الجديدة، والمتنوعة في أجناسها ومضامينها، الصادرة عن الدار في الآونة الأخيرة.
من خلاله تنطلق إلى كل الهموم التي عالجتها شعراً ونثراً بصوتها الأدبي المميــز، وحرفها الأنيق، وتعبيرها الصادق وهي تدافع عن الإنسان وعن الوطن وعن الحب والطفل والمرأة وقضايا التعليم والمساواة.. وكل ما آمنت به من قضايا الحرية ومقاومة الاستبداد.
هكذا هي سعاد الصباح شاعرة الإنسان وسفيــرة الحب إلى العالم تطل على قارئها بمجموعة شعرية جديدة حملت عنوان (أنت وأنا.. والليل).. محتوية أكثر من 200 قصيدة متنوعة ما بين الطول والتلكس الشعري الذي كان سمة من سمات ابداعها الأدبي منذ البدايات البكر، وقد جاء الديوان في 230 صفحة متنوع المناخات والمشاعر والأحاسيس وفق التأسيس الشعري الذي اختطته الشاعرة لنفسها بتعبيرها الرشيق وعبيــرها الذي تحمله عبارات بسيطة واضحة عميقة الدلالات، فقد اختارت منذ البدء أن تتآلف مع القارئ ولا تتعالى عليه .. فانحازت بذلك للغة الرشيقة واضحة الدلالات غير ملتبسة الأحاسيس.
تفتتح الشاعرة ديوانها بلوحة معبّرة شكلتها ريشتها التي بدت وكأنها تكمل عبر اللون مالم تقله بحبر القصيدة.
ينطلق الديوان بقصيدة (الإجازة المستحيلة) وهي قصيدة تفعيلة غارقة في الرومانسية تهرب فيها الشاعرة من الحب في إجازة طويلة تتجه بها إلى أوروبا لتُفاجأ أن الحبيب قد سبقها إلى هناك وانتثرت تفاصيله في كل زاوية تذهب إليه.. لتعيش بعدها في مواجهة شعورية مدمرة مع كل تلك التفاصيل الحميمية وهي تعبر عن رغبتها في التخلص من هذا الطغيان العاطفي.. لكنها في النهاية ترفع راية الاستسلام وتصارح نفسها بالحقيقة التي تهرب منها إليها:
(كل الفصول مستحيلة في غيابك
الصيف مستحيل
والربيع مستحيل
والشتاء لا يكون شتاءً حقيقياً
إلا معك)
ومن الإجازة المستحيلة التي تهرب فيها من الحب، إلى إجازة حب اختارت فيها أن تكون مع شريك الحياة عبر قصيدة تدور أحداثها في ساحل أيانابا القبرصي مستذكرة أياماً لا تُنسى من عام 1983
(صباح الخير يا قلبي المعلق
مثل عصفور على الخلجان
صباح الخير يا حباً أتاني
وأوصلني إلى الهذيان..)
قصيدة مستحمة بالأمواج والشمس وكثير من الحب تسطّره وتؤسطره سعاد الصباح وتختلط فيه النيران بالماء حتى يصيح الحبيب فيه هو (خلاصة الأوطان)
ثم نقرأ القصيدة الثالثة التي حملت عنوان (الجريدة) :
(أنا المرأة الأكثر انكساراً
والعاصفة الأشدّ دماراً
اقرأ يدي.. ولا تخف
فيدي مجنونة مثلي
وأصابعي أعواد كبريت مشتعلة)
وما بين قصيدة وأخرى تظهر لوحة تشكيلية مثل شعب مرجانية في بحر الشعر..
لنرحل في مجموعة متواصلة.. منفصلة ومتصلة من القصائد التي تناغمت حتى بدت وكأنها قصيدة واحدة طويلة تترجم عنوان المجموعة (أنت وأنا.. والليل) ولا تكاد تمسك ببوح حتى يحيلك إلى ما بعده..
ومن عناوين القصائد: ذاكرة، شوق وعطش، إيقاع، طيف، المدن المقفلة، مجيف، لا تمش حافياً، بوابة الحزن.
تقول في قصيدتها التي تحمل عنوان (قصيدة حب)؛
نحن عاشقان شتائيان
تشكلنا من رحم البرق
معاطفنا دائماً مبللة
وحواراتنا دائماً مبللة
ولغتنا فيها الكثير من موسيقى الماء)
جدير بالذكر أن هذا هو الديوان رقم 18 من دواوين الشاعرة على مدى تجربة طويلة ممتدة ولم تنقطع منذ ديوانها البكر (من عمري) الذي أطلقته عام 1961 و ما سبق ذلك من نشر في الصحف العربية الثقافية العريقة.