كـتـــــب / خــــالـــــد إبـــــراهيــــم.
بدأ الحوار بينه وبين ذاته حيث حوار دار بينه وبين بائع صغير السن متجول بين إشارات المرور.
” عندما نتحدث عن الجهل إننا لا نتحدث عن انعدام الثقافة أو المعرفة فالجهل الأكثر خبثاً هو الجهل الذي يفتقد إلى التقارب والتعاطف حتى يضع نفسه في روح الآخر، والذي علاوة على ذلك يهوى إصدار الأحكام المفعمة بالازدراء.”
عندما نرفض أن نتقبل شيئاً في عالمنا هذا لا نعرف عنه شيئاً ، فبين كل هذا الكم الهائل من هذه السيارات من يتقبل تنقل هذا البائع بين السيارات ومن إشارة لآخرى طالباً وسعياً وراء الرزق ومن منا من ينظر إليه نظرة عدم رضا .
فإن أعلى مستويات الجهل في عالمنا هذا تتجلى عندما نرفض شيئاً لا نعرف عنه شيئاً ، مع حرمان إدراكنا من محاولة التفكير أو السعي لنعرف المعطيات الكافية لتقبل هذا الشئ ؛ فنجدنا أنفسنا نفضل أن نكرس جهودنا لكي نبقى رافضين دائما ، بدلا من البحث عن تلك المعطيات ، كل هذه السلوكيات ليست شيئا آخر غير بذور تعصب أو أنانية أو رفض لطبيعة الكون وعدم كياسة ، وهي سلوكيات ما أكثر الذين شاهدوها أو عاشوها شخصياً من بيننا .
الأكثر تعقيداً في كل هذا هو أنه في بعض الأحيان نجد الجهل متواجداً في أقرب الناس ممن حولنا سواء كانوا من أفراد الأسرة المقرّبين أو الأصدقاء الذين يحكمون على الآخرين من دون معرفة، وحتى من دون أن يكلفوا أنفسهم عناء معرفة ما للآخرين من مصالح أو من حاجيات ، ففي هذه الحالات يصبح هذا التعصب مضراً، ويصبح وقتها الحكم مؤذياً وجارحاً.
والنتيجة ” نصمت ونبتسم ونبتعد” ورغم كل ذلك ومع الوقت تلتئم الجروح بيننا ، ونصبح أكثر نضجاً ونفهم أخيراً أشياء كثيرة ، قد تكون هذه التعصبات جارحة في وقتها لكنها مستقبلا تصب في صالحنا.
من المفهوم أن الكثير من الناس لا يتغيّرون رغم متغيرات الطبيعة والحياة ، وأن البعض لن يتخلوا عن جهلهم لصالح المعرفة، فالجهل الحقيقي هو عدم رغبتهم في ذلك. فأمام هذه السلوكيات لم يبق سوى أن نقبل بأننا خسرنا المعركة فلا مجال للجدال والعتاب حتى نحافظ على كرامتنا، مما يسمح لعقولنا بأن تبقى في سلام.
وفي نهاية المطاف نفهم أنه من الأفضل أن نصمت ونبتسم ونبتعد.
إن ما ينتقم أو يرد لنا إعتباراتنا هي اللامبالاة ، لأننا سنكتشف أن هذا الشخص ” المتعصب ” ليس لديه أي سلطة علينا ، فكن ذكياً وتوخّ الحذر، واعلم أن العقول المغلقة لن تفهم أبداً الأحلام الكبيرة، وأن هناك آذانا غير صاغية لا تَدخُلها الكلمات الذكية.