عقد مجلس الأمن الدولي جلسة صباح يوم الاثنين بتوقيت نيويورك لبحث الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين. وتأتي الجلسة في ظل تصاعد العنف في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل وفي سياق عملية سلام متوقفة واحتلال مترسخ، ووسط تحديات اقتصادية ومؤسسية متزايدة تواجهها السلطة الفلسطينية.
واستمع أعضاء المجلس الخمسة عشر إلى إحاطة من السيد تور وينسلاند، منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، والذي قال في بداية كلمته: “بعد عقود من العنف المستمر والتوسع الاستيطاني غير القانوني والمفاوضات المتوقفة وتعميق الاحتلال، وصل الصراع مرة أخرى إلى درجة الغليان.
أشار وينسلاد إلى بلوغ العنف في الضفة الغربية المحتلة وإسرائيل “مستويات عالية” في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك الهجمات ضد المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين. كما تسببت زيادة استخدام الأسلحة والعنف المرتبط بالمستوطنين في معاناة إنسانية خطيرة، على حدّ تعبيره.
وقال: “أسفرت التفجيرات التي شهدتها القدس الأسبوع الماضي عن مقتل إسرائيليين، أحدهما في السادسة عشرة من العمر، وإصابة أكثر من 10 مدنيين آخرين بجراح.“
ودعا الجميع إلى رفض وإدانة “هذه الأعمال الإرهابية بوضوح.”
وتابع يقول: “وقبل أيام، شهدنا اعتداءات عنيفة من قبل المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الخليل مما يسلط الضوء على تصعيد مقلق للعنف والتحريض.”
وشدد مرة أخرى على أن استهداف المدنيين “لا يمكن تبريره على الإطلاق ويجب وقف العنف.”
وفي غزة، أشار إلى توقف الهدوء الهش مؤخرا عن طريق إطلاق أربعة صواريخ باتجاه إسرائيل من قبل مسلحين فلسطينيين وما تلاه من غارات جوية شنتها القوات الإسرائيلية ضد ما قالت إنها أهداف لحماس.
وقال وينسلاند: “في الضفة الغربية المحتلة، قمت أنا وفريقي في الأسابيع الأخيرة بزيارة مناطق كان العنف فيها شديدا، وأواصل إجراء مناقشات مع مجموعة من المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذلك الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية، للتصدي للديناميكيات الخطرة.“
وفي غزة، عملت الأمم المتحدة عن كثب، مرة أخرى جنبا إلى جنب مع الشركاء الإقليميين والدوليين، للتوسط ودعم وقف إطلاق النار في أيار/مايو 2021 وفي آب/أغسطس هذا العام.
الحاجة إلى قيادة سياسية
في كلمته، أوضح وينسلاند أن ثمّة حاجة إلى وجود قيادة سياسية لإعادة المسار نحو حل الدولتين.
وقال: “لقد تضاءل الآن التفاؤل والأمل والتأييد الصريح للتوصل إلى حل سياسي تفاوضي والذي كان جليّا للغاية عندما انطلقت عملية السلام، لا سيّما بالنظر إلى عدم إحراز تقدم سياسي منذ الجولات الفاشلة من المحادثات بين عامي 2007 و2014.”
من خلال خطوات تدريجية ولكن ملموسة، يمكن بناء جسر بين ما نحن فيه الآن والظروف اللازمة لحل سلمي للصراع.
وحذر من أنه مع عدم معالجة الأسباب الكامنة وراء النزاع وإظهار مسار سياسي واضح للمضي قدما، سوف يتصاعد الصراع مما سيتسبب في مزيد من إراقة الدماء والبؤس ويكون له تأثير عميق مزعزع لعدم الاستقرار في المنطقة بأكملها.
وقال: “إن الاتجاهات الحالية لا تجلب الاستقرار والأمن لأي شخص.”
وحث على اتخاذ إجراءات عاجلة باتجاه تحقيق حق الدولتين:
“من خلال خطوات تدريجية ولكن ملموسة، يمكن بناء جسر بين ما نحن فيه الآن والظروف اللازمة لحل سلمي للصراع، استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة والقوانين الدولية والاتفاقات السابقة.”
وقال إن الخطوات المطلوبة هي أولا، ضرورة مواصلة الانخراط مع الأطراف لتقليل التوترات ومواجهة الاتجاهات السلبية ولا سيّما تلك التي تؤثر على قضايا الوضع النهائي. وأوضح أن ذلك يعني وقف الخطوات أحادية الجانب من قبل الجانبين – ولا سيّما توسيع المستوطنات أو إضفاء الشرعية عليها، وعمليات الهدم والتهجير.
ثانيا، يجب أن نستمر في تحسين الوصول والحركة والتجارة لإفساح المجال أمام نمو الاقتصاد الفلسطيني، بالإضافة إلى إعادة ربط اقتصادات الضفة الغربية وقطاع غزة.
وإذا تحققت النقطتان الأولى والثانية،” فيمكن تحقيق الخطوة الثالثة والتي تشير إلى الحاجة إلى بذل جهود من قبل جميع الأطراف والمجتمع الدولي لتقوية المؤسسات الفلسطينية وتحسين الحوكمة وتعزيز الصحة المالية للسلطة الفلسطينية.
وقال: “إنني أدرك أنه في ظل الظروف الحالية، فإن النهوض في مثل هذه الخطوات سيكون مهمة جبّارة.”
وشدد على حاجة الأطراف إلى معالجة القضايا الأساسية، مع ضرورة اتباع نهج مشترك يكون فيه حل الدولتين هو القرار السياسي الذي يتم الاسترشاد به ويكون “ضروريا لوقف المسار السلبي الحالي.“
تفاقم التحديات
وتطرق المسؤول الأممي إلى بعض العناصر التي تفاقم التحديات، من بينها الاتجاهات العالمية، كالحرب في أوكرانيا، وتراجع دعم المانحين، إلى جانب عدم إجراء انتخابات فلسطينية حتى الآن.
وأشار إلى مواجهة السلطة الفلسطينية بالفعل تحديات مؤسسية ومالية كبيرة. علاوة على ذلك، لم يصوّت الفلسطينيون في انتخابات عامة منذ عام 2006. أكثر من 50 في المائة من الناخبين – أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما – لم تتح لهم أبدا فرصة إسماع أصواتهم في الاقتراع.
من جانب آخر، تقود الأمم المتحدة الاستجابة الإنسانية وساعدت في وضع تدابير لدعم اقتصاد غزة، بما في ذلك تحسين حركة الأشخاص والبضائع من غزة وإليها. إضافة إلى المشاريع الحيوية مثل توفير الوقود لمحطة توليد الكهرباء في غزة والمساعدات النقدية لأكثر من 100,000 أسرة، وستستمر في عام 2023. “في هذا الصدد، تم إحراز تقدم.”
وتابع يقول: “وافقت إسرائيل على منح أكبر عدد من تصاريح العمل للفلسطينيين من غزة للعمل في إسرائيل منذ 2007 ودخول عدد من المواد ذات الاستخدام المزدوج من إسرائيل لأول مرة منذ أكثر من عقد.“
لكنه استطرد قائلا: “مع ذلك، لا تزال القيود والتأخيرات تؤثر سلبا على الجهود الإنسانية والإنمائية، وكذلك على قطاعات مهمة من الاقتصاد، ولا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به.“
ومع تصاعد العنف، أفاد وينسلاند باستمرار التوسع الاستيطاني وفرض القيود في الضغط على الحيّز الاقتصادي والمادي لبناء دولة فلسطينية قابلة للحياة.
علاوة على ذلك، تتحرك الديموغرافيا أسرع من السياسة. “ففي غضون سنوات قليلة، سيؤدي النمو السكاني الهائل في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى زيادة صعوبة – إن لم يكن استحالة – إدارة الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني.