فى أول تحليل للطلب على سوق العمل الحر فى مصر تطبيقا على “البرمجيات
عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية اليوم الاثنين، ندوة لمناقشة نتائج تحليل الطلب فى سوق العمل المصري بالربع الثاني من العام الثاني برعاية البنك الأهلى المصري، والذى تضمن لأول مرة تحليل لسوق العمل الحر “Freelance”، يتناول بشكل تفصيلي مكانة مصر في هذا السوق وكيفية استجابتها للطلب العالمي على المهارات، ومدى قدرة الشباب المصري على المنافسة عالميا مقارنة بغيرهم.
ويسعى المركز من خلال تحليل الطلب على الوظائف في سوق العمل المصري إلى سد الفجوة الإحصائية والمعلوماتية في هذا المجال، حيث تركز معظم البيانات المتاحة من قبل الجهات الرسمية المحلية والدولية على جانب العرض فقط، لذلك بداية من يونيو 2021 قام المركز برعاية البنك الأهلي المصري بتجميع ومعالجة وتحليل جميع إعلانات التوظيف الموثوقة المنشورة على الإنترنت، وإتاحة النتائج من خلال لوحة بيانات سهلة الاستخدام يتم تحديثها بشكل ربع سنوي، بما يمكن الجميع من رصد اتجاهات الطلب على المهارات في سوق العمل المصري وكيفية تغيره بمرور الوقت استجابة للتطورات الاقتصادية محليا وإقليميا ودوليا.
وحول أهم نتائج سوق العمل المحلى خلال ربع الدراسة، أشار التحليل إلى استمرار تراجع الوظائف المتاحة فى جميع المناطق الجغرافية وكذلك فى جميع القطاعات عدا السياحة والبنوك، والتراجع المستمر فى الوظائف الصناعية على وجه التحديد بجميع تخصصاتها، كما أظهرت النتائج المركزية الشديدة فى إنتاج الوظائف فى إقليم العاصمة “القاهرة والجيزة”، وأشار التحليل إلى أن الاقتصاد المصري لا ينتج عددا كافيا من الوظائف لجميع الراغبين فى العمل، بجانب أن الغالبية العظمى من المتقدمين للوظائف غير مؤهلين (90% على الأقل).
وبينت النتائج تراجع الفرص المتاحة للعمل من المنزل بشكل مستمر منذ الربع الثاني من 2022، كما أن العمل من المنزل رفاهية غير متاحة لذوى الياقات الزرقاء، وأوضح التحليل تراجع الطلب على حديثى التخرج ومحدودي الخبرة بشكل أكثر من غيرهم، ووجود هدر كبير للطاقات البشرية حيث أن نصف وظائف ذوى الياقات الزرقاء تطلب تعليما عاليا.
وتضمن التحليل لأول مرة تحليلا تفصيليا لعرض وطلب الوظائف فى سوق العمل الحر عالميا بالتركيز على مجال البرمجيات الذى يعد من أشهر مجالات العمل الحر على الإنترنت، وإجراء مقارنة تفصيلية بين مصر والهند فى هذا المجال، حيث يشهد سوق العمل الحر ارتفاعا فى الطلب العالمى خاصة فى الفترة التى تزامنت مع انتشار وباء كورونا، لما يوفره من مرونة ووصول إلى قاعدة مهارات ضخمة تتجاوز قيود سوق العمل التقليدي المرتبط بمكان محدد، بالإضاف إلى تقليل النفقات الإدارية المرتبطة بمكان العمل.
وأشار التحليل إلى وجود تنافسية شديدة فى مجال العمل الحر عالميا، وهناك ارتفاع فى الطلب على العمل الحر بشكل متسارع منذ عام 2019، فخلال الربع الأول من عام 2023 تم إتاحة 40 ألف فرصة عمل بقيمة 60 مليون دولار فى مجال العمل الحر بالبرمجيات، ويتركز 34% من الطلب على العمالة الحرة من الولايات المتحدة الأمريكية، تليها دول أوروبا، والهند بواقع 14.13%، وأشار التحليل إلى أن مصر تحقق دخلا من العمل الحر بالبرمجيات بقيمة 11 مليون دولار، مقابل 466 مليون دولار بالهند.
وبين التحليل أنه على عكس العمل التقليدي، فإن العمل الحر لا مركزى بطبيعته، حيث أنه من بين الـ 10 مستقلين الأكثر تحقيقا للدخل، 7 منهم خارج القاهرة والجيزة، ولفت التحليل إلى ضعف قدرة المصريين على اقتناص الفرص والدخول للسوق مقارنة بالهند، واختلاف هيكل التخصصات المطلوبة عالميا داخل مجال تطوير الويب بشكل جوهرى عما يتخصص فيه المصريون، وضعف الجهود المبذولة فى التسويق للمهارات واجتذاب العملاء مقارنة بالهند، وهى أسباب التفاوت الكبير بين الدخل الذى تحققه مصر من العمل الحر فى مجال البرمجيات مقارنة بالهند
من جانبها أشادت حنان الشيخة رئيس مجموعة الموارد البشرية بالبنك الأهلى المصرى، بنتائج التحليل التى تناولت بالتفصيل لأول مرة سوق العمل الحر، بما به من فرص كبيرة للاقتصاد، مؤكدة إيمان البنك الأهلى بمنتجات المركز ودراساته التى يحرص على دعمها.
وأشارت الشيخة إلى واقعية النتائج التى تتحدث عن تراجع الخريجين الجدد فى سوق العمل، مشيرة إلى تراجع جاهزيتهم للعمل بعد التخرج مباشرة عما سبق، من ناحية الالتزام والاستعداد لتحمل المسئولية، مؤكدة ضرورة العمل مع الجامعات فى هذا الشأن، وقالت أن المحافظات بها كفاءات من الشباب المؤهل بشكل كبير نتيجة جودة الحياة وقدرة الشباب على التعليم الذاتى والتعليم عن بعد، وهو ما يثبته نجاح تجربة البنك فى إنشاء مركز لخدمة العملاء تابع للبنك فى محافظة أسيوط.
ولفتت إلى أن الشباب فى الأجيال الجديدة يميل بشكل كبير إلى العمل الحر، ولكنه يفتقد الاستمرار والتأمين، وهو ما يتطلب إطار تشريعي ونصوص بقانون العمل لتنظيم العمل الحر وتأمين العاملين به
نشوى بلال مديرة مشروع منظمة العمل الدولية تشغيل الشباب فى مصر والتمكين الاقتصادى فى إطار برنامج فرصة، أكدت وجود فرص كبيرة فى سوق العمل الحر يمكن أن تؤثر فى انخفاض نسب البطالة خاصة بطالة الإناث، ولكنها أشارت لعدة مخاوف تتعللق بالحماية للعاملين بهذا المجال، حيث تختفى علاقة العمل بشكلها التقليدي، وهو ما يتطلب ضرورة البحث عن حلول غير تقليدية لتوفير هذه الحماية وضبط علاقات العمل، دون فرض قواعد قد تعيق القطاع عن النمو.
واتفق الدكتور إبراهيم عوض أستاذ ممارس بقسم السياسة العامة والإدارة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والمدير الأسبق لمنظمة العمل الدولية لشمال أفريقيا بالقاهرة، مع الآراء السابقة حول ارتفاع الطلب العالمى على العمل الحر وأهمية دراسة هذا السوق، ولكن هناك مشكلة تتعلق بالحماية يجب دراستها، لافتا إلى أن الاعتماد على فكرة التأمين الطوعى أمر يثير الشكوك وثبت عدم نجاحه فى بعض التجارب الدولية مثل تجربة تشيلي.الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، أكدت على ضرورة تعاون كافة الجهات لتعظيم الاستفادة من الطلب المتزايد على العمل الحر عالميا وزيادة تدفقات العمل