بقلم / محمد فرج الله الشريف
ظل التيار العلماني لسنوات طويلة في مصر يبحث عن موطئ قدم حيث يلقى بشباكه في المجتمع المصري فتعود دائما فارغة , فتتحطم أحلامه أمام إيمان الشعب المصري وتدينه بمسلميه ومسيحييه .
عندما سقط حكم الإخوان المسلمين في مصر عام 2013 م ظن العلمانيون أن الفرصة أصبحت سانحة وأن الساحة أصبحت خالية وأنهم البديل الوحيد والحتمي لملء الفراغ وإشغال الساحة فانتشروا في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر الفكر العلماني والنفاذ إلى العقل والضمير المصري .
وإذا بالعلمانيين ينطلقون من فكرة رفض دخول الدين في السياسة وفصل الدين عن الدولة إذا بهم ينزلقون إلى رفض الدين بالكلية ومهاجمة تعاليمه وأحكامه وتشريعاته , فانطلقوا يطعنون في صحيح الدين وينهشون في سعار عجيب كل داع إلى فكرة تمت إلى الإسلام بصلة ويحاربونها ويظهرونها على أنها رجعية وتخلف , ويسنون أسنانهم لكل عباءة وعمامة ويهاجمون بديكتاتورية بشعة – كانوا يتهمون بها خصومهم – كل من يخالفهم الرأي .
في حين كان العلمانيون يروجون لأنفسهم أنهم دعاة الحرية وأصحابها إذا بهم يرفضون كل آخر وينسبون لأنفسهم الحقيقة المطلقة فيرون في أنفسهم القدرة على استنباط الأحكام الدينية وتفسير النصوص ويطلقون التفسيرات والتأويلات ثم يستنكرون ذلك على أهل العلم وأصحاب الاختصاص .
نعم وبكل تأكيد أن الفكر الديني ليس حكرا على شخص معين ولا على مؤسسة بعينها فلكل إنسان الحق في التفكير وإظهار رأيه ووجهة نظره دون أن يفرضها أو يرى فيها الحقيقة المطلقة ولا أن يطعن في صحيح الدين والمعلوم منه بالضرورة .
إن العلمانيين ينطلقون من عناوين صحيحة يضعونها في الواجهة كتجديد الخطاب الديني , وحرية الفكر والتعبير , ولا كهنوت في الإسلام , والمساواة ، وحرية العقيدة , ثم تحت هذه العناوين يخلطون الأوراق ويلفقون الأفكار ويدلسون الكلمات ويحرفون الكلم عن مواضعه في جرأة لا تليق بورع العلماء ولا أصحاب الفكر السوي المستقيم الذين لا يرون في أفكارهم إلا اجتهادا وأن رأيهم صواب يحتمل الخطأ وأن رأي غيرهم خطأ يحتمل الصواب .
لتظهر الأيام وتثبت التجارب أن التكفيريين والعلمانيين وجهان لعملة واحدة . عملة الانحراف والتطرف والمغالاة .
لا تغل في شيء من الأمر واقتصد
كلا طرفي قصد الأمور ذميم
بل انحدرت العلمانية إلى أن وصلت عند البعض إلى اللادين والإلحاد فأصبحوا عرايا أمام الشعب المصري المتدين الغيور على دينه وظهرت دعواهم التي يسمونها تنويرا أنها ظلام دامس وانغماس في حمأة ومستنقع آسن فلم يكن تنويرهم إلا فوضى أخلاقية واجتماعية عارمة لا ضابط لها .
لتثبت لهم الأيام أن حساباتهم خاطئة وأن الاتجاه المضاد لجماعات العنف والتطرف الديني ليس هو الاتجاه العلماني وإنما الاتجاه المضاد لهم هو الإسلام الوسطي المعتدل الذي يمثله الأزهر الشريف .
فالأزهر هو كلمة السر وهو ضمير مصر الحي وقلبها النابض بما يملكه من العلم الديني الصحيح الوسطي المستنير القادر على استباط الأحكام الملائمة لكل زمان ومكان وما يملكه من مكانة في قلوب المصريين وهو وحده القادر على تجديد الخطاب الديني ,
فالأزهر هو القوة الناعمة الحقيقية لمصر فإن أطلقت يده ووفرت له الإمكانات لسقطت أمامه كل جماعات العنف والتطرف الذين يرتدون عباءة الإسلام زورا وبهتانا ولقام بنشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل في العالم كله .