فإني أحبك حتى … الزهق
في الحقيقة هي جملة السيد درويش إلا أنني أختلف معه في نقطة واحدة فهو أحب في سلوكه في الحب حتى التعب حتى الاستنزاف والانهاك النفسي
حتى صارعه التفكير وافترس لياليه ولا شك أنه شاعر عاشق من الطراز الأول فكانت هذه المشاعر المضطربة قوت قصيدته وآتون اشتعالها
ولكن حب هذا العصر وتلك الأيام حب يصاب بسرعة بمتلازمة الملل الضجر
فالعشقان لا قدرة لهما على الانتظار طويلا في علاقة حب يسودها الصمت الاختباء والكثير من التجاهل
لا قدرة لهما على كتمان التعبير والبوح في الخصومة
لا قدرة لهما على خنق امتعاضهما من سوء المعاملة وقلة التقدير
عاشقا هذه الايام يخطوان خطوتهما الاولى في الحب ويرسمان باللون الوردي طريقا معبدا بالأمل والصبر والكثير من المحبة والمغفرة معا
فيبدأ أحدهما داء المماطلة والتغيب المستمر والتجاهل البغيض فضلا عن الابتعاد اللامبرر الامتوقع فيصيب الاخر بالاضطرابات النفسية ويبني عنده عقدة اللااكتفاء واللارغبة بالاهمال المتعمد والمتكرر
حتى تفرغ عاطفته وتخمد نار عشقه بالدموع الغريزة فيصاب بالزهق
والحق أنه سيسلك مسارا من مسارين لا ثالث لهما
اما البحث عمن يملأ فراغه العاطفي والروحي ويسدد ضريبة الانتظار التي دفع ثمنها بلا أسباب
أن أن يصاب بمتلازمة برودة المشاعر فلا يسترعيه أي مبادرة متأخرة من الطرف الثاني ولا تهزه نفحات عشق يحاول الاخر اعادة جذبه بها
وهنا تقع الخسارة لا محالة ففي المسارين طريق اللاعودة واللارجوع
في مسار الزهق نخسر أرواحا نحن من أجبرناها على تجرع علقم الانتظار والمماطلة فماتت وهي تحاول الاكتفاء بصمتنا والتأقلم مع جفاءنا مع صمتنا المستفز
في حد الزهق لا خاسر سوى نحن مدعي المكابرة ومعتنقي اللامبالاة الذين غرنا طول الطريق والصبر علينا فحسبنا أننا سننجو لا محالة بفعلتنا وسنعود لنجد مكانتنا الذهبية محفوظة
في حد الزهق يعود المتلفت للنظر الى ذكرياته ليرى كم أهدر من لحظات لغير مستحقها وأضاع من النبضات لغير أصحابها
إياك أن تحب يوما لا إلى حد التعب ولا إلى حد الزهق
وإياك أن ترهق الروح بعلاقة تستنزفها دون طبطبة أو حنو عليها
لا تظلم نفسك بالصبر على شدائد أنت وحدك من اخترعتها تحت مسمى … الحب
عبيرسليمان ?