كتبت: سحر الجمال

اتحدث هنا بصفتين، الاولى هي أنني من ابناء محافظه تشملها مبادرة حياه كريمه، والثانيه لكوني اعمل في قطاع الثقاف وتحديدا الهيئه العامه لقصور الثقافة

فكما نعلم إن مبادرة حياه كريمه هي مبادره أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في بداية عام ٢٠١٩ لتحسين مستوى الحياة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا على مستوى الدولة ، كما تسهم في الارتقاء بمستوى الخدمات اليومية المقدمة للمواطنين الأكثر احتياجًا وبخاصة في القرى.

مبادره إنسانيه عملاقه، لم يشهدها المواطن الفقير منذ عهد الزعيم عبد الناصر، حيث إنه هو الزعيم الوحيد الذي فكر في الفقراء

وتهدف المبادرة إلى توفير الحياة الكريمة للفئات الأكثر احتياجًا على مستوى الجمهورية ، فضلًا عن تنمية القرى الأكثر احتياجًا وفقًا لخريطة الفقر، وتوفير فرص عمل بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة في القرى والمناطق الأكثر احتياجًا، فشاهدنا بناء المساكن والمدارس والوحدات الصحيه… وتوصيل المياه والكهرباء والغاز…. ومشروعات متناهيه في الصغر

تلك المبادرة متعددة في أركانِها ومتكاملة في ملامِحِها. وتنبع من بُعد إنساني قبل أي شيء آخر، وهو واضح جليا من عنوانها واهدافها

وبها تنمية مستدامة للفئة الأكثر احتياجا في محافظات مصر لسد الفجوات التنموية بين المراكز والقري وتوابعهم

وتهدف المبادره ايضا الى التدخل الإنساني لتنمية وتكريم الانسان المصري وحفظ كرامته وحقه في العيش الكريم ، ومن هنا سوف يكون حديثي عن مشاركة قطاع الثقافة وبالتحديد هيئة قصور الثقافه ومشاركتها في مشروع حياه كريمه ، حيث رأينا حراك للمشاركه بتنظيم قوافل ثقافيه لهذه القرى بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضه، قوافل تنظم في مراكز الشباب بهذه القراى او يتم عمل سرادق يساهم في بنائه متطوعين من جمعيات المجتمع المدني والقيادات الشعبيه بالقريه. وتساهم المحافظه بتوفير وسائل المواصلات والإنتقال لهذه القرى

ويأتي هنا دور الهيئه العامه لقصور الثقافه بالمشاركه في عمل عروض فنيه لفرق مسرحيه وغنائيه وعمل ورش فنيه مختلفه مثل الرسم والحلي وورش الخامات البيئيه وعمل أمسيات شعريه ومحاضرات توعويه يشارك فيها جهات مختلفه مثل الاوقاف والصحه واحيانا الجامعه
ولكن ما يتم تقديمه هذا ليس بجديد فالهيئه تقدمه لهذه القرى البعيده والمحرومه من زمان جدا…. فأنا مثلا قمت بعمل الكثير من القوافل الثقافيه لهذه القري وبنفس ذات البرنامج… ولن اخشى هنا بقول سلبيات تلك القوافل لعل ان يكون هناك من يسمع ويلبي

إننا نذهب لتلك القرى ونعد العده والتجهيزات ونذهب للقريه في وقت لا يقل عن ساعتين…. ونجلس مع ابناء القريه ساعتين نقدم لهم فيها البرنامج المعد…. ثم نرحل عنهم في الطريق الذي يستغرق اكثر من ساعتين، ونتركهم وفي اعين هؤلاء الاطفال من أبناء القريه حزن شديد لرحيلنا، ويطلبون منا الوعد بالعودة لهم…. ونحن بدورنا نعدهم ولا نعرف اذا كنا سوف نفي بالوعد ام لا.

نتركهم وقد اخذنا ما صنعناه معهم من لوحة رسم وقطعة حلى بحجة وقيود العهده على الموظف القائم بالنشاط
نتركهم ولم نستطيع ان نقدم لهم الحد الادنى من الثقافه… نتركهم وكلهم رغبه فيما يوجد معنا من خامات كالالوان والخرز والقصص…. حتى ان بعضهم يقوم ( ولن اقول سرقتها) بل يقوم بأستعارتها ووضعها في جيوبه ليخفيها عن اعيينا وكنت اغض الطرف عنهم

أنني من خلال خبرتي في العمل بالقوافل الثقافيه، وجدت انهم متعطشين للثقافه وما يقدم لهم…. ووجدتهم ايضا يتمتعون بمواهب عاليه في العديد من الجوانب مثل الرسم والغناء والإلقاء والتأليف والتمثيل… نرحل عنهم ونتركهم مره اخرى لعوامل اتينا اليهم لمحاربتها وهي التخلف والجهل والتطرف والإرهاب….. والفيوم من المحافظات التي تعاني قراها النائيه والبعيده من ذلك…. حيث ان الاخر قابع ومتواجد ومستمر في التواجد هناك في حين ننصرف نحن ونتركهم له

وهنا اطالب وزارة الثقافه بضرورة المساهمه في مبادرة حياه كريمه بثقافه مستدامه…. وليس ثقافة الساعه او الساعتين او حتى اليوم او اليومين والثلاث ايام… لابد من وجود ثقافه مستدامه بقرى حياه كريمه للحفاظ على ما تقدمه المبادره من جوانب اخرى… لان الثقافه ترقي العقول وتواجه العنف والتطرف والتخلف… فالمدارس وحدها لا تكفي… فكما اقول دائما انه بالثقافه والأداب والفنون ترقى الشعوب

لابد ان يكون لوزارة الثقافه مكان مستدام ويتم تدريب كوادر من شباب القريه على العمل الثقافي….. مكان يتم توفيره بأي شكل… على سبيل المثال فصل في مدرسه…. غرفه في مركز شباب…. أو بناء ما يشبه المعسكرات بالأدوات التي يسهل فكها وتركيبها.

وان يتم تجهيز هذه الاماكن بأبسط التجهيزات… مثلا المرتجعه والمكهنه من المواقع الثقافيه التي يتم تجديدها… ويتم تزويد هذه الاماكن بالكتب والخامات الخاصه بالورش…والألات الموسيقبه…. حتى يتسنى تقديم ثقافه مستدامه لهؤلاء لحين قدرة الدوله على بناء مكتبات ثقافيه…. فالثقافه والقراءه لا يمكن فصلها عن مبادرة حياه كريمه… كما انها يجب ان تكون ثقافه مستدامه