زمان الفتن بقلم / محمد فرج الله الشريف


يتردد على ألسنة الكثير من الناس الآن أننا في زمن الفتن فقد عمت وشاعت وانتشرت فتن كقطع الليل المظلم ويشكو الناس كثرتها وتتابعها وكأنها عقد وانفرط أو أمواج متتابعة ويستقبل الناس ذلك بضيق وتبرم وكأن الله اختص عصرنا وزماننا وحده بتلك الفتن ولم تكن موجودة فيمن كانوا قبلنا ولكن الحقيقة أن لكل زمن فتنه وابتلاءاته

وأن وجود الفتن أمر عادي وطبيعي بل هو حكمة الله ومراده في خلقه فهو صميم اختبار الحياة ولبه
قال الله تعالى ” أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين “
فالفتن هي محط اختبار الله للعباد وعليه فلم التيرم والضيق ؟ ولم السخط على الحياة ؟ بل إن الأمر وصل عند البعض للسخط على الله وإظهار عدم الرضا على تصاريف رب العالمين في اختباره للعباد .

دعونا نتفق أولا أن الحياة اختبار والاختبار له ثلاثة عناصر :
زمن الاختبار – مكان الاختبار – مادة الاختبار
أما عن زمن الاختبار ومادته فليس للإنسان أي اختيار فيهما فليس لأحد منا أن يختار الزمن الذي يولد ويعيش فيه وليس له اختيار في مادة الاختبار التي هي عطاء الله ومنعه .
أما مكان الاختبار فللإنسان الاختيار في مكان الاختبار مصداقا لقوله ” ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها “

ثم دعونا نتفق أن اختبار الله فتن وابتلاءات والابتلاء ليس بالضرورة حرمان بل إن الابتلاء هو عطاء وحرمان حيث قال الله تعالى ” وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون “
وقال ” ونبلوكم بالشر والخير فتنة “
وعليه فإن الخير و العطاء ابتلاء كالشر والمنع والحرمان .

وكل الأسئلة المطروحة على الإنسان في مادة هذا الاختبار لا تخرج عن صيغتين :
الأولى أتصبر ؟
والثانية أتشكر ؟
ومن أسئلة الصيغة الأولى :
أتصبر على ضيق الرزق ؟ أتصبر على المرض ؟
أتصبر على الظلم ؟
أتصبر على بغض فلان لك ؟ أتصبر على أن زوجتك ليست الأجمل بين النساء ؟
أتصبر على جار السوء ؟
أتصبر على مرض ابنك ؟ أتصبرين على فقر زوجك ؟ أتصبر ؟ أتصبر ؟ أتصبر ؟
ومن أسئلة الصيغة الثانية :
أتشكر على الغنى ؟
أتشكر على الصحة ؟
أتشكر على النجاح ؟
أتشكر على الزوجة الصالحة ؟
أتشكر على ولد صالح ؟
أتشكر على حب الناس ؟
أتشكر على الهداية ؟
أتشكر ؟ أتشكر ؟ أتشكر ؟
وكل ابتلاء حرمان يحتاج الى صبر
وكل ابتلاء عطاء يحتاج إلى شكر
وعلى المؤمن أن يعلم بيقين أن العطاء والمنع كلاهما مجرد مادة الاختبار وأسئلته وليس أحدهما أفضل من الآخر مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
” عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له “

وابتلاء الحرمان الذي يتطلب الصبر لايحتاج من الإنسان سوي الرضا والتسليم
وابتلاء العطاء الذي يتطلب الشكر فيحتاج إلى تواضع وإذعان وسيطرة على النفس التي تجمح وتفرح بالنعم ومراعاة مشاعر المحرومين والعطاء والتصدق من تلك النعمة
وعلى ذلك فابتلاء الله بالنعم والعطاء قد يكون أصعب من ابتلاء الله بالمنع والحرمان لذلك يقول الله ” وقليل من عبادي الشكور “

لكن في الحالتين يجب ألا يشغل الإنسان نفسه بكيفية الاختبار ومادته ولكن ينشغل بالإجابة على الاختبار والتفكير في النجاح فيه لا السقوط , ويعلم أنه لا حياة بلا فتن .

Loading

عبير سليمان

Learn More →