سيناريو الحرب العالمية الثالثة


بقلم / محمد فرج الله الشريف
إن شرارة الحرب الروسية الأوكرانية تتضخم كل يوم لتقترب أن تصبح نارا مستعرة يمتد لهيبها إلى جنبات كوكبنا الحزين ،
إن المتابع الجيد للأحداث يشعر أن سيناريو مرعب يكتب ويعد وأن العالم يسير على خطى حرب عالمية ثالثة .

يبدأ السيناريو من تصريحين يثيران الرعب :-
الأول : لرئيس الاستخبارات الألمانية حيث قال ” إن الهجوم الروسي على أوكرانيا بمثابة إعلان حرب على العالم الغربي بأكمله “
الثاني : تصريح وزير الخارجية الأمريكي ( بلينكن ) الذي قال ” لا يمكن السماح للعالم بالبقاء دون قيادة أمريكية ” وهو تصريح مرعب إلى جانب أنه مستفز .

يعقب تلك التصريحات دعم غربي هائل ومعلن لأوكرانيا وإصرار من الغرب على هزيمة روسيا وكسر إرادتها وتلطيخها بوحل الهزيمة ، أعقبها ضربات موجعة لروسيا مثل ضرب جسر القرم الذي يربط روسيا بالجزيرة وتسليح أوكرانيا بصواريخ يصل مداها إلى داخل الأراضي الروسية ، ثم إلحاق عدة هزائم بالجيش الروسي داخل المناطق التي قد سيطر عليها من قبل في بداية المعركة مثل ( خيرسون ) .

كل ذلك قابلته روسيا بالتهديد باستخدام السلاح النووي حال شعورها بالهزيمة ،
ثم تشهد ساحة المعركة اتساعا لرقعتها لتمتد إلى دول الجوار مثل تدخل ( بيلاروسيا ) التي تهدد وتتوعد وتستعد للتدخل عسكريا الأمر الذي يعقد المشهد أكثر وأكثر .
ثم يأخذ الصراع طابعا عالميا بدعوة كل طرف من طرفي الصراع الدول الأخرى للانضمام لمعسكره ثم توجيه طرفي الصراع أصابع الاتهام لمن لم ينضم إليه ، مثل الانتقادات اللاذعة التي وجهتها للسعودية وتصنيفها بأنها منحازة للمعسكر الروسي بسبب رفضها زيادة إنتاج النفط الذي تنتجه منظمة أوبك .
أضف إلى ذلك الفوضى الاقتصادية العارمة وتقلبات سوق العملات العالمية وحالات التضخم التي تجتاح العالم وعلى رأسها أوروبا البائسة المغدور بها من أمريكا فعلى سبيل المثال :
وصل التضخم في ألمانيا وفرنسا إلى مستويات غير مسبوقة وارتفاع مرعب في الأسعار أدى إلى انتشار دعوات في هذه البلاد بتوفير الطاقة وترشيد استخدامها ، بل وصل الأمر إلى الدعوة لتوفير وجبة غذائية من الوجبات اليومية , فقامت فرنسا مثلا بإطفاء أضواء برج إيفل المبهرة للمرة الأولى توفيرا للكهرباء وشاهدنا للمرة الأولى طوابير السيارات تمتد أمام محطات الوقود الذي لم يعد متوفرا بسبب الاحتجاجات والإضرابات وخروج عشرات الآلاف محتجين على ارتفاع الأسعار مطالبين بزيادة الأجور .
وكذلك الحال في ألمانيا التعيسة يرتفع التضخم وترتفع الأسعار لمستويات غير مسبوقة خاصة أسعار الوقود .
أضف إلى ذلك حالة من الفوضى السياسية بسب الخلافات التي تضرب القارة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية بل والاتهامات المتبادلة بين قاداتها خاصة بين فرنسا وألمانيا تارة وبين إيطاليا وفرنسا تارة أخرى .

أما عن بريطانيا المنكوبة التي ظنت أنها نجت بخروجها من الاتحاد الأوروبي – الذي قاربت شمسه على الغروب – تتجرع كأس السقوط قطرة قطرة حيث وصل التضخم لأكثر من 10 % لأول مرة منذ 40 عاما ، ثم سلسلة استقالات من الوزراء يعقبها اليوم استقالة رئيسة الوزراء ( ليز تراس ) التي أصبحت صاحبة أقصر مدة في رئاسة الوزراء في تاريخ بريطانيا حيث تولت المنصب لمدة ( 44 ) يوما فقط بسبب فشل خططها الاقتصادية وتدهور الاقتصاد البريطاني بمعدلات سريعة .

ولم تكن أمريكا أحسن حالا من باقي دول الغرب وإن كانت الأكثر تماسكا حتى الآن لكن على المدى الأطول نسبيا يؤكد الخبراء أن اقتصادها ينتظره ليل بهيم ونفق مظلم .

إن الرغبة الجامحة لكل طرف من طرفي الصراع في الخروج من المعركة منتصرا وإلحاق مر الهزيمة بالطرف الآخر ليس هو العامل الرئيسي في إشعال الحرب العالمية الثالثة ،
ولكن رغبة روسيا ومن يؤيدها في تغيير شكل العالم بإنهاء عالم القطب الواحد وكسر الطوق الأمريكي
، يواجهها الرغبة الأمريكية في قيادة العالم ولا عالم بدون قيادة أمريكية هو مكمن الخطورة وجوهر الصراع وفتيل القنبلة وزيناد السلاح الذي سيشعل الحرب العالمية الثالثة .

Loading

عبير سليمان

Learn More →