كتب الأديب / أسامة الزيني
في مرحلة مبكرة مرتبكة من شبابي انقطعت عن الصلاة، مع أنني نشأت منذ طفولتي في المسجد برفقة والدي رحمه الله. كان وائل أكثر أصدقائي ملازمة لي حينها، وكان من أكثر الناس ملازمة للمساجد، يبادر إلى المسجد القريب من منزلهم مع رفع كل أذان، كأنه عجوز في خريف العمر يرجو أن تقبض روحه بين يدي الله. لم يكن يُعَقِّب على انقطاعي عن الصلاة، وحينما كنت أمر عليه في المنزل كل مساء للانطلاق إلى الخارج، يصلي العشاء إلى جانبي في غرفته، ثم نمضي من دون تعليق.. وذات ليلة خرجنا مبكرًا إلى مدينة مجاورة لمدينتنا الأم، ومع دخولنا المدينة أُذن لصلاة العشاء، فاستأذن مني بلغة كلها رجاء أن أنتظره حتى يصلي العشاء ويعود إليّ.. بالطبع رحبت بشدة، ودخل وائل إلى المسجد، وبعد لحظات انفجر كل شيء داخلي، فلم أصدق أنني أقف خارج المسجد أنتظر صديقي حتى يفرغ من صلاته، كأنني من ديانة أخرى. شيء ما قوي تحرك داخلي.. وجدتني أندفع إلى المواضئ بسرعة.. توضأت وأدركت صلاة الجماعة خلف الأمام، وشاء الله أن تَفَلَّتَ القرآن من الإمام فاخطأ، فصوبت له.. بعد انتهاء الصلاة.. التفت وائل إليَّ بوجه مضيء، وبابتسامة فرح بعودة صديقه الضال، وقال: أنت الذي صوبت للإمام؟ عرفت صوتك. فقلت نعم.. قال: كنت أعلم أنك لن تتحمل الوضع، وستدخل للصلاة معنا.
اللهم يا من تفرح بتوبة عبادك، أشهدك أن عبدك وائل أبو ميرة أخذني من يدي في ذاكم المساء البعيد، وعاد بي إليك، وقد فاضت روحه، وعاد إليك، فاكتب له من الحسنات بعدد كل سجدة سجدتها بين يديك، وكل خطوة مشيتها إليك، وكل نبضة خشع لك بها فؤادي، وزد وبارك، فأنت الرب الكريم.