المرأة كنز الرجل بقلم / محمد فرج الله الشريفلم يخلق الله على هذه الأرض أجمل من المرأة , فهي الأنس والسكن ، وهي مصدر أمان الرجل ، والمرسى الذي يلقي عليه همومه ، والحضن الذي يحتمي به ، والشجرة التي يستظل بظلها من هجير الحياة ،هي مكمن الأسرار ، ومستودع الأفراح والأحزانهي عنوان كل نجاح ، وباب كل أمل ، ومصدر كل همة وطاقة .ولا نجاح ولا تقدم لأسرة ولا لمجتمع لا تعز فيه المرأة وتصان وتقدر وتوضع فوق الرءوس تاجا ،وإن أحط الرجال وأشقاهم وأدناهم شرفا وخلقا ذلك الرجل الذي يهين المرأة ويتجبر عليها .لكن في عصر طغت فيه المادة وتراجعت فيه الإنسانية ,عصر وضعت فيه المرأة هدفا لإسقاطها وإسقاط المجتمع بها ,من قبل جهات معلوم بعضها ومجهول أغلبها تدير آلة إعلامية شرسة بميزانية لا سقف لها, لعبوا بالمرأة وخدعوها وبدلوا جمالها الطبيعي التي كانت تكتحل فيه بالأدب ، وتتزين بالحياء ، وتتجمل بالأنوثة إلى جمال صناعي بمستحضرات كيميائية وألوان وصبغات ورموش مصنوعة وشعر مستعار وجسد محشو بالسيليكون .ثم أغروها بكلمات وشعارات براقة ( كالحب والعشق والحرية والمساواة ) كلمات وشعارات استخدمت في غير معناها ووضعت في غير موضعها الصحيح فكانت حقا أريد به باطل .وكأن المرأة قبل ذلك العصر لم تكن محبوبة الرجل ولا معشوقته ,وبعد أن جعلوا المرأة مصنوعة أصبحت سلعة يتاجرون بجمالها , ويبيعون جسدها , ويهتكون سترها , وينتزعون عنها أنوثتها التي هي سر جمالها , ومكمن اختلافها عن الرجل , وهي المغناطيس الذي يجذبه نحوها .وفي حقيقة الأمر أن تحويل المرأة إلى تلك اللعبة الصناعية لم يكن الهدف منه تجميل المرأة ولا الارتقاء بها ولا صنع علاقة جميلة بينها وبين الرجل ولا تأسيس أسرة متحابة ,ولكن كان هناك هدف مسموم هو تحويل المرأة إلى سلعة رخيصة وأداة للجنس فقط , ومن شديد الأسف أن بعض النساء أكلن الطعم فصارت تعرض نفسها وتنشر صورها بشكل مبتذل على المواقع ووسائل التواصل بلا خجل , فتحطمت قواعد الأنوثة التي هي الستر والحياء والعفة والرقة والعذوبة ، فسقطت المرأة من عرشها في قلب الرجل فبدلا من أن تصبح زوجة وشريكة حياة أصبحت عشيقة وموضع شهوة لا أكثر .وتحولت المرأة من نور ينعم به الرجل إلى نار تحرق الرجل والمرأة والمجتمع ، ومن واحة خصبة إلى صحراء قاحلة .والأدهى والأمر أن الفتيات الصغيرات سقطن صرعى ذلك الهوس والسعار الجنسي الذي روج له إعلام مغرض حيث صور الفتاة بلا صديق أو حبيب أنها ناقصة غير مرغوب فيها وغير مكتملة الأنوثة ،فسقطت بعض الفتيات فريسة في ذلك الشرك المحكم وانجرفت في ذلك التيار , فنزعت رداء الحياء وهامت تصاحب وتخرج وتقيم العلاقات فتخدعها كلمة , وتغريها ابتسامة , ويسقطها وعد كاذبونسيت المسكينة أن وراءها أهل وأسرة تكد وتشقى من أجلها .كما نسيت أن الشرف ثروة الأسر والعائلات وأن الحفاظ على العرض ليس فقط رأس مالها بل هو أيضا رد الجميل لأهلها .وأن عذرية الفتاة ليست فقط في غشاء بكارة وإنما في خلق حصين وستر منيع وحياء قاس عنيد ،وأن الأدب والحياء والعفة تاجها وعنوانهاوأن الحب لا ينمو في الشوارع والطرقات بل يولد بطرقة شاب على باب بيت أبيها وينمو بمباركة أهل ثم يتوهج ويزدهر ويطرح ثماره في عش يتشاركون فيه .أما عن هذا الخلل والاعوجاج الذي أصاب المجتمع فلن يصلحه إلا نساء عفيفات شريفات يرفعن راية الفضيلة والعفة التي نكست على كوكبنا الحزين , ويرفضن كل دعوة خبيثة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب ، يقولن ( لا ) بأعلى الصوت لكل ما يحط من كرامتها ويهدم حصن عفتها ويلوث أنوثتها ويقلل من رقي إنسانيتها .