كتبت / سحر الجمال.
الشمس تسلط أشعتها على تلك البقعة الأرضيه… حرارة الجو مرتفعةجدا على غير عادتها ، أنه وقت العصاري …حيث حال الحر عن الأستمتاع بقيلولة صغيرة بين الظهيرة والعصاري ..تقلبت يمينا ويسارا ،ولكن أبى النوم أن يأتي …قامت من سريرها بعد عراك طويل بينها وبينه ..آثرت بعده أن تذهب لتستحم ، عسى أنه عندما ينساب الماء على جسدها المشتعل يوهبه برودة وراحة تبتغيها ، خرجت لتجلس على أريكتها المفضلة أسفل شرفة بالبيت مغلقة ، تطل على الشارع ،فنجان من القهوة تستمتع به بعد أن سرت البرودة في جسدها ..صوت عذب يرنم من بعيد مع تكرار وتكرار ( أبين زين أبين أضرب الودع وأقول ع المستخبي واقرا الطالع للحلوين ) …يتكرر النداء …وهي تفكر بأن تقوم بجلبها ، لتقرأ لها طالعها لكنها تخشى الجيران ….تضع فنجان القهوة من يدها ، وتصرف نظرها عن فعلتها هذه ، ولكن تعاود الفكرة إليها مرة أخرى مع حرارة الجو ، وإصرار النداء للبحث عن بضاعته في القلوب التائهة الحزينة المنكسره ، والسذج الطيبون .
يعاود الحر على جسدها ليلتهب ويشتعل مرة أخرى …يعاود الصوت النداء ولكن هذه المرة اقترب أكثر ليستقر تحت الشرفة المغلقة …
تقف العرافة تحت الشرفة المغلقة القريبة من باب البيت في إصرار منها على أن يسمع أحد ندائها ، ويهم بإدخالها لتستريح من حرارة الشمس ..وأسفل هذا الشباك تنادي كأنها تقرأ بأن هناك من يريد إدخالها ولكن على استحياء
تذهب لأمها وتطلب منهاان تأذن لها بأدخال العرافة ، و ترفض الأم …تذداد حرارة جسدها …ويعلو صوت العرافة أسفل الشباك ..تلح على أمها مرة أخرى متوسلة إياها ، و مع الحاحها تستسلم الأم لطلبها تحت ضغط الحر وحرارة الشمس ..
تفتح لها الباب على أستحياء وتشير لها بالدخول في خفية ، وتراقب ألا يراها أحد من الجيران وهي تدخل الى البيت …تجلس بردهة خلف باب البيت .
سيدة جميلة ….حفرت نار الشمس نقوشها على وجهها ليعلوه حمرة وسخونة الجو ، الحنة تزين يدها بوشوم مختلفه ….تنزل من على رأسها قفة…..وتخرج منها منديل به رمل وودع ….
- أرمي بياضك يا شابه
تناولها امها قطعه نقود فئة الخمس قروش تناولها الفتاة أياها ….تضع الودع في يدها .. - وشوشي الودع باللي نفسك فيه .
تحكي للودع عن أحلامها بفارس ينتشلها من هذه القرية التي تكرهها وتكره العيش فيها وتلقي الودع على الرمل في الأرض …
تغمغم العرافة الودع بكلمات غير مفهومة ثم تهمس لها بكلمات كأنها عرفت ما قالته ووشوت بيه الودع …وتنبئها بفارس أحلامها ليتهلل وجهها فرحا ، والأم ترصد من بعيد وهي تضحك على أبنتها التي وجدت ضالتها مع تلك العرافة…تلمح العرافة فنجان القهوة الفارغ فتطلبه …تعرف العرافة أنه لها وتقول
- واحد هيحبك ومش هتاخديه وواحد هتحبيه وتاخديه …يا ويلك منه ….الأول من دمك ولحمك والتاني غريب عنك…هيغويكي بمعسول الكلام والوعود .هيجي ويرحل بس هتاخديه ….وتهم بسؤالها …كنت عيانه وعليله وغلب الأطب في دواكي مظبوط ؟
- ترد وتقول مظبوط ….
- تنظر لها بنظرات كلها دهاء …طيب هيجيلك انهارده طالب ودك …بس لا مفر من المكتوب سكتك حزينه ….بس هتفرحي …بس يا ولداه بعد سنين ….
تلملم أشيائها وتقوم بإعطائها قطعه من النقود القديمه جدا التي لا تعرفها وتقولها دي تميمتك تحت مخدتك تحطيها هتبرد فرشتك وجسمك من أللي فيه ..هتعرفي تنامي يا شابه .
ترمقها بنظراتها الماكرة وصوتها الرنان مع ابتسامة تعلو وجهها
تفتح الباب وتخرج لتبحث عن بيت أخر تستظل بداخله من حرارة الشمس وتعاود النداء ( أبين زين أبين …وأقرا الطالع وأعرف المستخبي للحلوين )…. تجوب القرى والأزقة والحواري والميادين لتجد بضاعتها وتعرض ادواتها وتكشف الغيب لمن يجد ضالته عندها
أما هي تأخذ تميمتها وتضعها تحت وسادتها لتدخل في نوم عميق في فراش بارد لتسري برودته الى جسدها المشتعل الذي أرقته حرارة الجو ….وهي تحلم بفارس أحلامها و تحدث نفسها عما قالته العرافة لها ( ترى ..هل كلامها صادق )