عزف وجعي المقدس

بقلم الأديبة…هند بومديان
ها أنا من جديد أسرق هدوء الليل ، يطاردني فحيح تعبي ينشر راحتيه إذا اختلى بي، ف يورق الوهم دون علمي ، استحضرك لأستعيدك من غربة روحك علك تسكن روحي بسلام .
استفقت من شرودي ، على عتبات أقسى اللحظات ، و أكثرها بخلا و شراسة ، رفعت فوق كفي الصباح ما لا أعلم ، ليتهاوى ذاك القدر متعبا مثقلا بهواجسه ، يرمقني بنصف نظرة ، و دخان سيجارته يتطاير بهدوء هنا و هناك فيقبل سهوا خصلاتي الذهبية ، تراءى حائرا لوهلة و لم يفك أسر لسانه ، و لم ينبثق منه حتى لغة عشوائية تفي برغبتي في اقتحام عالمه و احتضان صمته ، ثبتت نفسي فوق مقعدي ، و سرب من الأفكار يتناسل بداخلي ، لأتحسس حيرته بعيون شاردة ،و هو يرتشف قهوته مع كثير من القلق ، أسافر مع السراب و ألون صور الأحلام في ذاكرتي ، علني أغير دفة أفكاري و صوت القلب يهمس على استحياء ” ارحلي ” حتى لا يراك و يخدش ملامح السكون .
تبا لتوترك ، ما كل هذه الهواجس ، لا أستطيع تحرير نفسي بمجرد تمتمات عابرة….
تتوالى الصور على مخيلتي فتجمعني و إياه في الزوايا المهجورة ، أصب الصمت على الجرح فينزف ذاك الحلم ، الذي كان مؤقتا ف أضحى قتيلا بيننا و أمل مقعد مدى الحياة يتجول بذاتي ، لأوهم نفسي أني تحررت من قيامته ، أنحني ، أعفر خدي على صدر الورق ، عساني أتطهر من ذنوب الغياب .
و في ذاك الركن المنزو ، يراقبني و قد ترك قبلة طليقة تجوب أرجاء المكان ، ضجت الشموع حول وجهه ، و عبق سيجارته عانق عطري الفرنسي ، فتخيلت لوهلة أن طيفه يأنس حيرتي .
لاشيء ، إنه الحلم يا سادة!!
الذي أتى به بعد < نيف و أأه > من العشق المتربص لأضلعي ، لأشهد نفسي بقوة أنه وحده قدري و عزف وجعي المقدس .
عادة لا أهرب ، لكن علي أن أخط اشعار رغبتي ، ففكرة الاقتراب من الشمس والسماء تدفعني أكثر إلى الهروب نحو طريق أصعب، لكن ذات صهيل من شفاه الشوق ، ارتج القلب بنا دون صراخ ، و زمهرير الغربة بداخلنا جعل كل حرف أحمله ينثر على مدراج الحلم بصوت لا يجيد الاختباء خلف رجفة همسي .
يستلذ الشوق ارتعاشا ، ليرشدني في سفري إلى ثرى أحلامي ، أستقر طويلا مكاني بين هروبي و ضياعي ، أتوضأ بدموعي أعبرني إلى دهاليز الوقت ، و ما عاد شيء يشبهني سوى ملامحي على حبات المطر ..
رمقني بنظرة خاطفة ، كمن ألقى على درب الفرار ذنوبه ، ثم ارتداها عائدا ، فيقول حبيبتي كوني ، كي تكون و في الحلم تسبقه ، ويحي لا داعي لكل هذه الثرثرة ، فأنا مجرد نسخة لقديسة عشقه ، ولدت من ثغر البكاء لتجعل من شوقها الدفين مهنة كل مساء ..
أحكي له عن شآبيب القدر و كيف ألهتني ، أتعرى تحت وابله ، فأتهادى حرفا طازجا تائها ، ينعي المسافات و يتدفق على ركح أوراقي لحنا ميتا ، يدس شقاوته بين ضلوعي ، كلما أفرغ الليل جيوبه المنسية ، فما عدت أرى أطياف الصباح تغرد ب اسمي و تهمس ب اسمه ، فقط أريد التطهر من لعنة الغياب ، لأقرر إدراجه ضمن قائمة ” المهملات ” ، لم يكن سوى اسما باليا و خرافة قديمة ذكرها التاريخ ، و تبعها حدسي ، و صدقتها عقيدتي ، ف ليتني كنت أعلم أنه بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار ، كي لا أختزل وجوده في طقس شعائري ، ف أحترق بنار شوقي هذا قدري و انتهى ..

Loading

Ahmed El sayed

Learn More →

اترك تعليقاً