يدهشني دهشة تثير العجب لا الإعجاب موقف العديد من المحللين السياسيين الذين ينادون الآن في عالمنا العربي بالحياد والنأي بالنفس عن الحرب الروسية الأوكرانية
لا شك أن العالم يمر بأجواء حرب عالمية مكتومة تعاد فيها التوازنات وتصاغ فيها التحالفات بعد معاناة الكثير من دول العالم في العقود الماضية من سيطرة أمريكية كاملة لم تتوان في ضرب كل بقعة على وجه الأرض بذراعها الطولى تقف في وجه مصالها وتنهش بمخالبها الحادة كل من تراه مناوئا لهيمنتها حتى جاءت الحرب الروسية الأوكرانية إيذانا ببدء نظام عالمي جديد تتعدد فيه الأقطاب .
على الرغم من كل العقوبات التي تفرضها أمريكا ومن خلفها أوروبا على روسيا معولة على إضعاف وانهيار الاقتصاد الروسي مع مرور الوقت ، إلا أن في الحقيقة عامل الوقت هو في صالح روسيا تماما التي تنتظر رسم التحالف الجديد أقصد تحالف المعسكر الشرقي في وجه المعسكر الغربي المشكل والمعد والجاهز منذ وقت طويل أما المعسكر الشرقي فهو في حاجة لبعض الوقت لكي يتشكل ويبدو أن ملامحه تظهر شيئا فشيئا
فالموقف الصيني الذي بدأ محايدا تماما في الجرب الروسية الأوكرانية بدأ يتجه نحو الوقوف في الخندق الروسي وكذلك الهند ودولا أخرى ما زالت تدرس الموقف ولم تحسم أمرها بعد .
أما عالمنا العربي الذي اكتوى بنار أمريكا وتجرع من كفها صنوف السموم أشكالا وألوانا فهو أمام خيارات عدة أسوأها الحياد والصمت والنأي بالنقس والاكتفاء بدور المشاهد والمراقب وأتعجب من أن العديد من المحللين ينادي به الآن
إن العالم العربي لديه العديد من الملفات الملتهبة بفعل المفخخات التي كانت تضعها أمريكا في كل ملف بهدف إشعال المنطقة وإشغالها واستنزافها .
ولا أقصد بعدم الحياد هنا الانحياز لأحد أطراف الصراع أو الإلقاء بالنفس في أتون الحرب ولكن أقصد الانحياز للنفس , الانحياز لمصالحنا العليا والمشاركة بفاعلية في إعادة التوازنات والتحالفات والنفاذ من ثقوب المجتمع الدولي إلى حسم وإنهاء ملفاتنا الساخنة وأن نكون لاعبين على خشبة المسرح لا مشاهدين وأن نستعيد الثقة بأنفسنا التي طالما عملت أمريكا وأذرعها على إضعافها بل وفقدانها وهدمها
وأن نناور بأوراق الضغط التي نملكها وهي كثيرة في وجه أمريكا والغرب الذي يترنح وحصرنا في أننا مجرد صرة المال التي يغترف منها ليمول حروبه أو اليد التي يضرب بها من يشاء حين يشاء .
يجب أن نثبت للعالم أننا أمة ترغب في حياة حرة كريمة تسعى لبناء مستقبل أفضل لأبنائها وأننا أصحاب مشروع حضاري ونسهم بإيجابية في عالمنا المعاصر
ويجب ألا ننسى ما كان يتوعدنا به بايدن في حملته الانتخابية ومن يدري ربما لو لم تحدث الحرب الروسية الأوكرانية لنفذ بايدن ما كان يتوعد به من محو السعودية وتأديب مصر .