( بايدن ) خطوتان إلى الخلف بقلم / محمد فرج الله الشريف


ما زال الغرب المأزوم يكابد ويصارع , يبحث عن حلول ويفتش عن مخرج ، يحاول بائسا توحيد الكلمة والصف ، يفتش عن وسيلة لردع روسيا أو على الأقل كبح جماحها .
بينما ( بوتين ) المتكئ على أريكته يدير المشهد بحكمة وبراعة ينتقل من نصر إلى نصر , ها هو يحكم قبضته على ( ماريوبول ) الاستراتيجية معقل القوميين الأوكرانيين ويسيطر على مصنع ( أزوفستال ) وتسقط أمامه المدينة تلو المدينة في إقليمي لوغانسك ودونيتسك ويحكم سيطرته على على كل الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود وهو المنفذ البحري الوحيد لديها ،
ويتفادى بوتين ببراعة العقوبات الاقتصادية الغير مسبوقة على بلاده فيرتفع ( الروبل ) لأعلى مستوى له منذ سبع سنوات .
في هذا المشهد المعقد تأتي تصريحات ثعلب السياسة الأمريكية ( هنري كيسنجر ) وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في مؤتمر دافوس ( يدعو إلى ضرورة بدء الحوار مع روسيا في أسرع وقت قبل أن تغرق أوروبا في الفوضى حتى لو تنازلت أوكرانيا عن أجزاء من أراضيها )
خرج بعدها الممثل البارع ( زيلينسكي ) وصب غضبه المفتعل على ( كيسنجر) متهما إياه بأنه يفكر بمنطق الماضي وأنه غير قادر على فهم الحاضر وأن زمن ( كيسنجر) قد انتهى .
في الحقيقة لم يكن ( كيسنجر ) وحده الذي يفكر بهذه الطريقة بل هناك أصوات عدة تعلو وترتفع منادية بنفس المنطق الكيسنجري مثل الكاتبة الأمريكية ( كاترينا فاندن ) ( التي دعت إلى تراجع أمريكا وأوروبا عن الحرب والدخول في مفاوضات وحوار مع روسيا وقبول بعض شروطه )
يبدو أن تلك الدعوات لاقت صدى داخل الأوساط الأمريكية فبعد سيل التصريحات الأمريكية بإمداد أوكرانيا بكل ما تحتاج إليه لتحيق النصر ، نلاحظ تراجعا ما يتم خاصة بعد تصريح ( ديمتري ميدفيديف ) مستشار الأمن القومي والرئيس الروسي السابق بأخطر تصريح منذ بدء الحرب الروسية الأكرانية وهو ” أن روسيا ستضرب مراكز قرار غربية ( أي عواصم دول غربية ) إذا تم إمداد أوكرانيا بصواريخ قادرة على الوصول لمدن روسية “
لم تمر ساعات حتى صرح الرئيس الأمريكي بأن أمريكا لن تمد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول لروسيا . الأمر الذي يعد خطوة للوراء .
للمرة الأولى منذ عقود تشعر أمريكا بالخوف الحقيقي على مستقبلها الاقتصادي ونفوذها العسكري وتتمثل هذه المخاوف في الآتي : –
أولا : – أن تقوم روسيا بتكوين حلف داعم لها لاسيما من دول شرق آسيا والوطن العربي وأمريكا اللاتينية يكون معارضا لسياسة الغرب يفقد أمريكا نفوذها وسيطرتها على المشهد العالمي
ثانيا : – سقوط الدولار من عرشه المتربع عليه منذ عقود واستبداله بعملات أخرى الأمر الذي يمثل ضربة اقتصادية ليس فقط لهيمنتها الاقتصادية على العالم بل وانهيار اقتصادها الذي يعاني تضخما هو الأكبر منذ أربعين عاما .
ثالثا : – استغلال الصين لهذه الحالة من السيولة الدولية والأزمة الاقتصادية والإقدام على ضرب تايوان وضمها الأمر الذي يمثل طعنة في خاصرة أمريكا , فعلى أمريكا حينها أن تختار التراجع خطوة أخرى للوراء أو الدخول في حرب أشرس من حرب أوكرانيا .
إن القراءة المتأنية للمشهد تظهر أن أمريكا وأوروبا قد أفرغتا ما في جعبتها والعالم في انتظار ما تحويه الجعبة الروسية الصينية الممتلئة بالمفاجآت .

Loading

عبير سليمان

Learn More →