يُعد تأسيس فريق الشرطة النسائية المصري بمثابة مصدر فخر، لا للوحدة المصرية فحسب، وإنما أيضا للقيادة العليا لبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي.
يضطلع فريق مصري مكون بالكامل من النساء ضمن بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) بدور حاسم لإنقاذ الأرواح عبر رصد وإبطال مفعول العبوات الناسفة، وذلك لأول مرة في تاريخ عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام.
وبحسب المينوسما، فقد تشكل الفريق النسائي المصري لكشف وإبطال مفعول العبوات الناسفة الارتجالية، كواحد من ثلاثة فرق من نوعها أسستها وحدة الشرطة المصرية المُشكلة العاملة في صفوف البعثة، وذلك إبان نشرها في منطقة دوينتزا، في مالي في عام 2017
تقود الرائدة رنا غراب، فريق كشف وإبطال مفعول العبوات الناسفة الارتجالية، والذي يعمل في منطقة قريبة من الطرق الترابية التي عادة ما يستخدمها الأشخاص المدنيون، ويجري استهدافها من قبل العناصر الإرهابية والجماعات المسلحة. وتجدر الإشارة إلى أن مالي شهدت خلال الفترة من 2020 إلى 2021 ثاني أكبر زيادة في أعداد الوفيات في صفوف المدنيين وحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة، جراء عمليات إرهابية، وذلك بحسب مؤشر الإرهاب العالمي.
ويُعد تأسيس فريق الشرطة النسائية المصري بمثابة مصدر فخر، لا للوحدة المصرية فحسب، وإنما أيضا للقيادة العليا لبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي.
العميد أحمد عز، قائد وحدة الشرطة المصرية المُشكلة العاملة في المينوسما، أشادت بحافظات السلام المصريات، وقال إن “مهمة الكشف عن العبوات الناسفة الارتجالية والألغام هي مهمة شديدة الخطورة. وضابطاتنا يقفن في الخطوط الأمامية أثناء العمليات ويكتسبن الكثير من الخبرات.”
وقال السيد القاسم وأين، رئيس بعثة المينوسما: “في 2022، فقدنا 12 من زملائنا جراء تفجيرات، وتعرض 88 آخرون لإصابات. وكل حادث هو بمثابة تذكير بالمخاطر التي يواجهها حفظة السلام كل يوم عندما يخدمون تحت علم الأمم المتحدة في خدمة السلام في مالي. وهذا النهج الجديد للشرطة المصرية ضمن المينوسما هو مبادرة رائدة هدفها ضمان سلامة وأمن حفظة السلام، نظرا لاستمرار التهديد، خاصة مع الطبيعة المُميتة للعبوات الناسفة الارتجالية والألغام.
ومنذ نشرها في مالي في 2013، فقدت بعثة المينوسما 162 من حفظة السلام العسكريين جراء هجمات الألغام الأرضية وغيرها من الأعمال العدائية. وكثيرا ما يتم استهداف قوافل حفظ السلام التي تجوب الأراضي المالية تنفيذا للتفويض الأممي لها بحماية أرواح المدنيين بالعبوات الناسفة الارتجالية، وخاصة في المناطق الواقعة شمالي ووسط البلاد.
وقالت الرائدة رنا غراب: “نحن فخورات للغاية كوننا أول نساء يتدربن على تخفيف خطر العبوات الناسفة الارتجالية. إن من شأن ذلك أن يساعدنا كثيرا في تمكين النساء في مصر والشرق الأوسط. كما وستساعدنا هذه التجربة على أن نظهر أن النساء قادرات على فعل أي شيء على يستطيع الرجال القيام به.” وأضافت: “نحن نحترم المساواة بين الجنسين هنا، كما هو الحال في الأمم المتحدة، وهو ما يعني تكليف النساء بنفس المهمات على قدم المساواة مع الرجال. عند عودتنا للوطن سنفخر بما تمكنا من تحقيقه.”
ولهذا فإن المسؤولية ثقيلة على عاتق فريق الشرطة النسائية المصري، كما تقول الرائدة دعاء موسى، والتي تؤكد على ضرورة حماية حفظة السلام والمدنيين على السواء، فكل ثانية لها ثمنها والمهمة معقدة ودقيقة.
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ عام 2013، زاد عدد الهجمات على حفظة السلام في مالي بواقع ستة أضعاف، من هجومين بعبوات ناسفة ارتجالية في أكتوبر 2013، إلى 12 هجوما في 2022 (بلغ عدد الهجمات ذروته في 2014 الذي شهد 19 هجوما وعام 2021 والذي تم استهداف حفظة السلام خلاله بـ 15 هجوما)، وأسفرت تلك العمليات العدائية عن مقتل 162 من حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة.
ويعد أمن وسلامة حفظة السلام وزيادة مشاركة النساء في عمليات حفظ السلام من الأعمدة الأساسية لمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، العمل من أجل حفظ السلام واستراتيجية تنفيذها. وفي مالي وغيرها من سياقات حفظ السلام، يعمل حفظة السلام إلى جانب الكثير من الشركاء من أجل حماية المدنيين وشركاء التنمية. وتكتسب المبادرة أهمية في وقت تزداد فيه وتيرة الهجمات بعبوات ناسفة ارتجالية، لتشكل تهديدات متناميا لحفظة السلام والمدنيين على السواء. كما وتعمل الأمم المتحدة لتعزيز المحاسبة عن الجرائم المرتكبة ضد حفظة السلام ومحاسبة المسؤولين عنها.