كتب ..مجدي الشهيبي
منذ قرن وأكثر كانت الصورة الفوتوغرافية رمزًا للحقيقة وذاكرة تحفظ اللحظة للأبد أما اليوم،د فقد تغيّر المعنى ذاته بضغطة زر يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحوّل الكلمات إلى صور مثالية
جلسة تصوير بفستان من القرن الثامن عشر أو بورتريه على طراز لوحات عصر النهضة أو صورة في مدينة لم يزرها المصوَّر قط
هذه الطفرة تثير سؤالاً ساخناً
هل انتهى دور المصورين التقليديين؟
أم أن الذكاء الاصطناعي مجرد أداة جديدة في يد صانع الصورة؟
سوق خدمات التصوير التقليدي يُقدَّر بـ 37.96 مليار دولار عام 2025 ومن المتوقع أن يصل إلى 64.68 مليار دولار بحلول 2034 بمعدل نمو سنوي (CAGR) يبلغ 6.1٪
أما سوق مولّدات الصور بالذكاء الاصطناعي (AI Image Generators) فقد بلغ 349.6 مليون دولار في 2023 ويتوقع أن يتخطى 1.08 مليار دولار بحلول 2030 بمعدل نمو يقارب 17.7٪.
قطاع الكاميرات المزودة بالذكاء الاصطناعي يسجل أرقامًا أكبر من 13.93 مليار دولار في 2024 إلى 47.02 مليار دولار بحلول 2030، أي بنمو سنوي 21.6٪.
هذه المؤشرات توضح أن السوق يسير باتجاه مزدوج الكاميرا الحقيقية لم تختفِ لكنها تتجاور مع كاميرا جديدة… كاميرا من خيال الخوارزميات.
“الذكاء الاصطناعي خطف السوق بسرعة كثير من العملاء الذين كانوا يطلبون مني جلسات خاصة أصبحوا يفضلون الحل الافتراضي الأرخص.
لكن هناك فارق كبير بين صورة من خيال الكمبيوتر وصورة توثق لحظة حقيقية.
هكذا يصف (ت.م)، مصور فوتوغرافي يعمل منذ 12 عامًا التحدي الجديد.
في المقابل يرى مصور آخر (ن.ش)
“بدأت أتعلم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كجزء من شغلي أدمج بين الصور الحقيقية والتعديلات الرقمية كده مش بخسر السوق بالعكس بفتح لنفسي مجال جديد.
تقرير عالمي يؤكد أن 85٪ من المصورين المحترفين يتوقعون تغييرات جذرية في صناعتهم خلال السنوات الخمس القادمة وهو ما يعكس القلق العميق داخل المجال.
من جانب المستهلك المشهد مختلف تمامًا تقول شابة في العشرينات
“كنت بحلم أعمل جلسة تصوير بفستان من القرن الـ18 لكن التكلفة كانت خيالية دلوقتي قدرت أطلع صور زي اللي في خيالي وأنا قاعدة في البيت.
وبالنسبة لشاب آخر يقول
“الصور الحقيقية ليها طعم تاني خصوصاً في المناسبات زي الخطوبة أو التخرج لكن للسوشيال ميديا مش فارق معايا إذا كانت معمولة بالكاميرا أو بالذكاء الاصطناعي.
شركات كبرى بدأت تستخدم صورًا مولدة بالذكاء الاصطناعي في الحملات الإعلانية ما يقلل تكلفة الاستعانة بمصورين وموديلز
في الصين أدى تسريب أداة ذكاء اصطناعي متقدمة إلى انخفاض أسعار التصميمات بنسبة 64٪ مع ارتفاع عدد الطلبات بنسبة 121٪ وإجمالي العوائد بنسبة 56٪.
مع ذلك تبقى بعض المجالات عصية على الذكاء الاصطناعي مثل تصوير الأحداث الحية (الأفراح، الحفلات، الرياضة، التغطيات الصحفية)
وهنا يأتي السؤال!
هل الصورة التي يصنعها الذكاء الاصطناعي فن أم مجرد نسخة رقمية بلا روح؟
هناك جدل كبير حول حقوق الملكية الفكرية إذ أن الخوارزميات تتعلم من ملايين الصور التي التقطها مصورون حقيقيون دون مقابل أو إذن صريح
هناك أيضاً مخاوف من أن يتحول الإبداع إلى مجرد كتابة أوامر نصية ما يهدد قيمة الحرفة والممارسة الفنية.
المستقبل لا يعد بانقراض المصور، لكنه يعد بتحوّله. المصور قد لا يظل “صانع صورة بالكاميرا” بل قد يصبح “مخرج مشاهد بالذكاء الاصطناعي”
والسؤال الأعمق هل سنكتفي يوماً بصورة مثالية مصنوعة من خيال الخوارزميات،ط أم سنظل نبحث عن تلك اللحظة الإنسانية الحقيقية التي لا يمكن اصطيادها إلا بعدسة بشرية؟
![]()

