تحقيق مجدي الشهيبي
في عام 2015 انتعشت آمال آلاف الشباب من أبناء مركزي ملوي وديرمواس، بعد الإعلان عن مشروع ضخم حمل اسم “مدينة ملوي الجديدة شرق النيل”
المشروع بشّر به رجل الأعمال المعروف عيد لبيب، ووُصف وقتها بأنه “الفرصة الذهبية” لتمكين الشباب من امتلاك قطعة أرض وبناء مستقبل جديد شرق النيل.
لكن بعد سنوات من الانتظار والوعود، اختفى الحلم، وبقيت التساؤلات معلقة بين الناس:
أين ذهبت أموالنا؟ ومن المسئول عن ضياع هذا المشروع؟
البداية… عندما صدّق الناس الحلم
كنت واحدًا من الذين صدّقوا الحلم وساهموا فيه. دفعت ما طُلب مني على أمل أن أرى مدينتي الجديدة تُقام على أرض الواقع.
كثيرون مثلي آمنوا بالمشروع، واعتبروا أنه بادرة أمل تضع ملوي على خريطة التنمية شرق النيل، وتمنح الشباب فرصة حقيقية للحياة الكريمة.
لكن شيئًا فشيئًا، خفت صوت المشروع، وغابت الأخبار، وتحوّل الحلم إلى مجرد ذكرى.
الاتهامات تبدأ من جديد
قبل أسابيع،خرج رجل الأعمال عيد لبيب في تصريحات علي وسائل التواصل مهاجمًا أحد المرشحين الحاليين لمجلس النواب ومتهمًا ثلاثة من نواب دورة 2015 بأنهم تسببوا في تعطيل مشروع مدينة الأحلام.
وقال إنهم وقفوا ضده ومنعوا تنفيذ المشروع رغم أنه كان حلمًا للشباب وملوي كلها
التصريح أحدث ضجة كبيرة بين الناس، لأن القضية قديمة ومؤلمة في آن واحد.
لكن مع تدقيق بسيط، تظهر أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة منطقية،
لا عاطفية.
تساؤلات مشروعة
هل من المعقول أن ثلاثة نواب مختلفين في الفكر والانتماء والديانة والمصلحة يتفقون جميعًا على موقف واحد ضد مشروع يخدم أبناء دوائرهم؟
ما الدافع الحقيقي الذي قد يجعلهم يعطلون حلمًا يخص الشباب؟
هل أقاموا مشاريع خاصة بهم أو مدن بديلة بعد ذلك؟
هل حصلوا على مكاسب شخصية من تعطيل المشروع؟
كل الإجابات الواقعية والمنطقية تؤكد: لا يوجد دليل واحد على ذلك.
بل على العكس كان دعم مشروع بهذه الضخامة إن تحقق سيكون دعاية انتخابية كبرى لكل نائب منهم ومكسبًا سياسيًا وشعبيًا هائلًا.
من المستفيد الحقيقي؟
من المنطقي أن نبحث دائمًا عن المستفيد الأول من أي مشروع.
السيد عيد لبيب رجل أعمال ناجح وله سمعته، ولا أحد يشكك في مكانته أو نواياه.
لكن بحكم عمله طبيعي أن يكون أي مشروع ينفذه يحمل هدفًا استثماريًا ربحيًا بالدرجة الأولى حتى لو حمل جوانب خدمية أو اجتماعية.
ولم يكن خافيًا أنه دعا إلى مشاركة مستثمرين سوريين في المشروع ومنحهم أراضي لإقامة مشروعات داخل المدينة المقترحة.
وهنا تظهر بوضوح أن الفكرة كانت استثمارية تهدف إلى تحقيق مكاسب اقتصادية مشروعة وليس مجرد مبادرة خيرية للشباب.
ولا لوم في ذلك من حيث المبدأ لكن من غير المنصف تصويرها كأنها مبادرة خالصة لخدمة الناس دون مقابل.
10 سنوات من الصمت
مرت عشر سنوات كاملة دون أن نسمع تقريرًا رسميًا أو ردًا واضحًا من أي جهة حول المشروع.
لا أحد يعرف مصير الأموال التي دُفعت من المواطنين ولا إلى أين وصلت الإجراءات الرسمية، ولا حتى من الجهة التي كانت مسئولة عن التنفيذ أو المتابعة.
هل توقّف المشروع لعدم موافقة الدولة؟
هل تعطل لأسباب فنية أو مالية؟
هل كانت هناك أوراق ناقصة؟
أم أن المشروع لم يكن سوى حلمًا بلا أسس قانونية أو مخططات حقيقية؟
كلها أسئلة لا يملك أحد إجابة عنها حتى الآن.
الموقف الشخصي
أنا كأحد من شاركوا وساهموا في هذا المشروع أؤكد أنني لا أتهم أحدًا بالفساد ولا أتهم السيد عيد لبيب شخصيًا بأخذ أموالنا
لكنني أرفض أن يتم توجيه الرأي العام الآن لاستخدام قضية قديمة في حملة تشويه انتخابية ضد أي مرشح دون مستندات أو أدلة واضحة.
لقد تواصلت بنفسي مع السيد عيد لبيب وعرضت عليه أن أنشر بيانًا رسميًا منه يطالب فيه الجهات الرقابية والنيابة العامة بالتحقيق في الموضوع لكنه لم يرد على رسالتي حتى اليوم.
دعوة للتحقيق وكشف الحقيقة
من هذا المنطلق وباسم كل من ساهم ودفع وانتظر
أطالب رسميًا:
السيد النائب العام،
السيد محافظ المنيا،
بفتح تحقيق عاجل وشامل لمعرفة الحقيقة الكاملة حول مشروع “مدينة ملوي الجديدة شرق النيل” وكشف أين ذهبت أموال المساهمين؟
من المسئول الحقيقي عن توقف المشروع؟
وهل كانت هناك نية جادة لتنفيذه منذ البداية؟
احترموا عقولنا
لسنا ضد رجال الأعمال ولا ضد النواب ولسنا في صف أحد.
لكننا نرفض أن تُستغل قضايا الناس في المعارك الانتخابية أو تُحرّف الوقائع لخدمة مصالح شخصية.
نحن نريد فقط أن يُحترم وعي المواطن وأن تُفتح الملفات القديمة بشفافية وأن تُعلن الحقيقة مهما كانت مؤلمة.
لقد تعب الناس من الشعارات والوعود،
ونحن لا نطلب أكثر من الاحترام لعقولنا وحقوقنا.
![]()

