كتبت/سحر الجمال
كنت أتطلع صفحة الفيس بوك ولمحت تلك العبارة ( بعض الود يصان بالبعد ) ولكن لم أستطع أن أجعلها تمر أمام ناظري مرور الكرام دون التامل فيها ، فلقد أستوقفتني هذه العباره وجعلتني أفكر فيها وأتأملها مليا ، حيث وجدتها تحمل فلسفة عميقة …كت
حقيقة انا لا أعرف من قائل هذه العباره ومن هو صاحبها ، ولقد بحثت كثيرا علني أجد صاحبها ولكن دون جدوى ، بل اتاح لي البحث بالعثور على عبارات مشابهه تؤدي نفس المعنى ، ولان طبيعتي تحب التفكير في مدلول كل ما أقراه ، فكرت في مدلول تلك الجملة والأبيات الشعرية التي سيأتي ذكرها هنا ، …
ولكن دعوني أعود بكم للعبارة الأصلية ، واطرح هذا السؤال( هل بعض الود حقا يصان بالبعد) …وأي ود هذا الذي يصان بالبعد …وجعلت أسأل وماذا عن لوعة الحنين والأشتياق …وهل سيظل من نوده يذكرنا برغم أختيار البعد عنه والذي ينطوي على الهجر والحرمان….وما الظروف التي الزمت هذا البعد ..
اسئلة كثيرة دارت في عقلي وحاولت الأجابة عليها . وهنا تذكرت ابيات لأمير الشعراء أحمد شوقي حين قال :
هجرت أحبتي طوعا…لأنني رأيت قلوبهم تهواى فراقي
نعم أشتاق ولكن ..وضعت كرامتي فوق أشتياقي
أرغب في وصلهم دوما.. ولكن طريق الذل لا تهواه ساقي
هنا ايضا هجر شاعرنا أحبته ولكن لسبب فلقد رأى أنهم يرغبون بهذا الهجر والبعد…وٱثر الشاعر كرامته على لوعة الفراق وما يعانيه من أشتياق
إن فلسفة البعد وأختياره فلسفة عميقه جلست مع نفسي لأفكر فيها ووجدت أنه أحيانا يكون في البعد النجاه من أشياء كثيرة صادمه …ولكن متى نختار البعد….ولو علمنا من البداية ما سيحدث لما أقتربنا لهذه الدرجه…
ولكننا عندما نحب تختلف الرؤيا بل وتختلف الحسابات…كل شئ يختلف
ولكن وعيت أيضا بأهمية فن المسافة في العلاقات حتى لا ننصدم …وتذكرت مقولة لعلي رضي الله عنه حين قال ( احبب حبيبك هونا ما عسى ان يكون يوما بغيضك….وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون يوما حبيبك ) ….فتلك هي فن المسافة في العلاقات الأنسانيه والأجتماعيه وبالتالي العاطفية…فبعض تلك المسافات مسافات أمان…تحرص بها ألا تؤذي قلبا رق لك يوما فلحظات الود لها عليك حقوق كثيره ….والود بيبان في البعد….فليس كل بعد لكره….فبعض هذا البعد يعني اني أحبك ولكن عندما لم تدرك مدى حبي وقيمتي فأثرت الرحيل…
وفلسفة أخرى في العلاقات وجدتها أنه ليس القرب الدائم والتواصل والأتصال والألتحام هو جوهر البقاء …بل الأنفصال هو الأجدى للمحافظة على مدى العلاقة ، وأن البقاء ليس دليل الحب بل الرحيل هو أعظم مظاهر الحب…لان للحب وجوه كثيرة منها الرحيل فكما قال سيف الدولة الحمداني ( رب هجر يكون من خوف هجر وفراق يكون فوق فراق)
وبذلك يبقى الحب الذي بيننا…وحين نبتعد قد نرى الصورة أوضح
ولكن كيف يكون ومتى يكون البعد حتميا وضروريا …قد يكون أحتراما للذكريات الجميله .
وأي علاقة في الحياة نمر بها سواء كانت صداقه أو أخوة أو محبة أو زمالة ….اي علاقه مهما كانت إذا شعرنا أن الطرف الأخر بيستتقلها فمن الأفضل أن تبتعد مهما كانت مشاعرك تجاهه
لأنه ليس من الحكمه أن يكون علاقة بين طرفين لا يرغب أستمرارها الأخر ، وخاصة عندما تجد أن ابتعادك راحة وسعادة للطرف الأخر ، فالعلاقات لا تبقى بالأكراه
..ولا يمنع هذا من الأحساس بالألم كلما مرت رياح الأشتياق
والود هو صلة الحب والسعادة بين شخصين ، فعندما يكون هناك حب وارتباط بين شخصين ، يكون هناك وصلة بين الأثنين هذه الوصلة تسمى الود…والود شئ جميل فلا تقطعوا الود بينكم…والود لا يخفى وإن اخفيته…والبغض أيضا لا يخفى …تظره لك العينان.
والمقولة الشائعه التي تدعو إلى أن الأختلاف في الرأي لابد ألا يفسد للود قضيه…ولابد لنا من معرفة اداب وفن الأختلاف للحفاظ على الود بيننا
الود والعتاب…..يرى البعض أن الود يبقى ما بقي العتاب….ولكنني أرى أنه ليس بين المتحابين عتاب…بل علينا التغاضي والغفران دون عتاب…والود يتطلب لين القول
وكن بعيدا تكن حبيبا…وزد غيبا تزداد حبا…واضبط مسافاتك تنضبط علاقاتك
ولكي يبقى الجميل في عينيك جميل فلا تقترب منه أكثر فالبعض أجمل من بعيد…فحافظوا على مسافات الأمان بينكم…فإذا كنا عندما نكتب نترك مسافة بين الكلمة والأخرى ليتضح المعنى ويفهم الذي يقرأ ما نكتب فأيضا في العلاقات يجب أن نحافظ على المسافة بيننا ، وأنا أعتبرها مسافة أمان تمنعنا من الاصطدام ببعضنا البعض….فبين السماء والارض مسافه …وبين الشمس والقمر مسافة…وبين الشمس والارض مسافة….فرب أقتراب ينتج عنه احتراق…..
فعندما سافر علماء الفضاء للقمر الذي ينير الدنيا ونعجب به وأقتربوا منه وجدوه حجارة وتراب….فتلك هي فلسفة المسافة وفلسفة البعد
وعلينا أن نتعلم ونقلد البحر في المد والجزر حتى تظل علاقاتنا جميله
فنحن نبعد عن أنفسنا بالنوم ….وناخذ له بعض المهدئات عندما يستعصي علينا…ونهيئ له المناخ والظروف لنبعد أنفسنا عن انفسنا بساعات النوم هذه ..فماذا عن ألأخرين
وختاما حقا وجدت أن بعض الود يصان بالبعد