يومياتي في الميكروباص


كتبت : سحر الجمال
صَعَدتْ إلى الميكروباص ، وجَلستْ في المقعد المواجه لي ، وجدتُها غلى غير عادتها ، يعتلي الحزن وجهها ، وناءت بوجهها بعيداً عن الركاب ؛ الذين اعتادوا الحديث معها ، وكانت تتجاذب معهم الحديث ، بصوت عالي ، وضحكاتها عاليه ، وكانت كلما رأيتها وجمعتنا الصدفة في الركوب معا ، لا تكف عن الحديث في هاتفها ، وكانت تضعه في طرحتها ، وتتركه وتتحدث مستخدمة يدها في التلويح والإشارات ، وصوتها وضحكاتها عاليةً جداً ، وكانت في كل المرات التي رأيتها فيها ، تمضغ علكتها ، في فمها بشكل مثير ومستفذ …وتستخدم إيماءات وحركات بفمها وشفتاها ، نعرفها نحن النسوه ، ونعرف ما المقصد منها ، ويكاد من يجلس بجوارها وأمامها يسمع صوت طرقعة علكتها ، ناهيك عن زيها المثير أيضا ، وجلستها وقدماها مفتوحتان بشكل يرسل رسالة يعلمها الرجال ، كنت أرمقها بنظراتي ، الرافضه لتصرفاتها ، حتى أنني تعمدت ،في إحدى المرات أن أوصل لها رسالة بنظرتي ، دون الحديث معها طبعا ، ولكنها هربت بوجهها وعيناها بعيدا عني ، أدركت حينها ، أن رسالتي الرافضه لتصرفاتها ، قد وصلت لها

فعلت ذلك من باب أنني شعرت انها مثل ابنتي ، لا أعلم لماذا انتابني هذا الاحساس كلما رايتها ، هل لحداثة سنها ، وخوفي مما تكون قد آلت له ، ولكن الغريب في الأمر ، أنني وجدت النسوة الائي يعرفونها يتجاذبون معها الحديث ، ولكن وجدت الفتيات الائي في عمرها يبعدون عنها ، ويجلسون بعيدا عنها في السياره

عدت إليها لأراقبها ، وأراقب حالة الحزن التي اعتلت وجهها ، فوجدتها تضع ، أصابعها على عيناها ، وتعتصر الدموع منها ، وما أن رأتني أنظر لها ، حتى لاحت بوجهها الي شباك السياره ، وامسكت بطرف طرحتها لتداري دموعها وحزنها

والغريب هذه المرة ، أن لا أحد من النسوة تجاذب معها الحديث ، هل لأنها بعدت بوجهها بعيدا عنهم ، أم أن هناك ما حدث ولا أعلمه بحكم عدم معرفتي لها

عادت تعصر عيناها بطرف طرحتها ، وتقلب في تليفونها المحمول ، الذي سكت عن الرنين والحديث ، تعود وتقلب فيه ،وتداري دموعها ، وانا أرمقها بعيني في صمت ، ولكن هذه المره ، أرسل لها رسالة سؤال عن ما هي فيه ، وفي أول مرة أناديها يا بنتي ، حين تعمدت أن أناولها أجرة الميكروباص ، حينها نظرت إلي وتنهدت تنهيدة حزينه ، شقت صدري قبل صدرها

وصلت إلى مكان نزولي من السياره ، وحينها تمنيت أن يكون الطريق أطول من هذا ، حتى أبقى معها ، وأحاول أن أعرف ، سبب حزنها
تعمدت أن أسند على كتفها حين نزلت من السيارة ، وربت على كتفها ، وابتسمت في وجهها ، وقلت لعل تصل رسالتي لها ، بأني أتمنى لها أن تعود لسابق عهدها

نعم نزلت من السيارة وتمنيت لها أن يعود لحالها كله ، إلى ما كنت انتقده ، وأرفضه منها وفيها ، تمنيت ابتسامتها ، وضحكتها ، وحديثها في هاتفها بطريقتها الخاصه ، وحديث النسوة معها ، بل وتمنيت ان تعود وتضع علكتها في فمها ، وتمضغها بطريقتها ، وأن أسمع صوت طرقعتها لها

تمنيت أن أراها قريبا ويجمعنا هذا المكروباص ، ولكن على حالتها وهيأتها الأولى

Loading

Ahmed El sayed

Learn More →

اترك تعليقاً