كتب/ محمد فرج الله الشريف
بعد أن تلطخت يد الرجل الحاصل على جائزة نوبل للسلام ( آبي أحمد ) وتحول إلى مجرم حرب غارقا في دماء شعبه في إقليم تيجراي وبدأت أصابع المجتمع الدولي تشير إلى جرائم حرب تحدث في تيجراي وبعد فشله في توليد الكهرباء من سد النهضة بعد ملأين للسد , وكل التحليلات تؤكد أن نظام آبي أحمد يتفكك بل ينهار يأتي السيد أردوغان ليمنحه قبلة الحياة ويعقد معه اتفاقات عسكرية ويعينه على تصفية ملف تيجراي متحديا المجتمع الدولي من ناحية ومتحديا مصر والسودان من ناحية أخرى
والسؤال : ما الذي تستفيده تركيا من تسليح آبي أحمد ومنحه هذه القدرات العسكرية أو حتى الإبقاء عليه ؟
ألا يعلم أردوغان أن هذا السلاح قد تستخدمه إثيوبيا ضد مصر في حال اختارت مصر الحل العسكري في قضية سد النهضة ؟ أو تستخدمه في احتلال أرض الفشقة التي استعادتها السودان بعد احتلال إثيوبي دام لسنوات ؟
فبعد أن كانت إثيوبيا تماطل في مفاوضات سد النهضة فبعد هذا الوعد التركي بالصفقة أرسل آبي أحمد إلى رئيس الاتحاد الإفريقي ليخبره أنه لن يجلس أصلا في المفاوضات التي أوصى بها مجلس الأمن لانشغاله بمشاكل داخلية منها إقليم تيجراي
الكل يعلم من هو آبي أحمد من دعمه ومن يقف خلفه ويحركه كدمية ومن يريد تدمير مصر من خلاله فلماذا يضع أردوغان نفسه في سلة واحدة مع إسرائيل ؟
ألا يعلم أردوغان بذلك أنه نسف كل احتمالات التقارب المصري التركي المأمول والذي تم التحضير له خلال الفترة الماضية ؟
نعم الرد المصري جاء سريعا من خلال التحرك الدبلوماسي لإيقاف هذه الصفقة وإلغائها ثم بالتوقيع النهائي للاتفاق مع قبرص واليونان والذي يعد خنجرا في خاصرة تركيا .
قد يقرأ البعض توجه أردوغان نحو إثيوبيا على أنه هروب من واقع أليم يعيشه أردوغان في تركيا وخسائر متتالية لم تكن في الحسابات منها :
الأول : أن أردوغان وجد نفسه في مواجهة حقيقية لأول مرة مع أمريكا وروسيا في آن واحد في سوريا وأن كل أحلامه هناك تتبخر, فحلم أن تصبح سوريا حديقة خلفية لتركيا تحولت إلى كابوسا يورقها
الثاني : المواجهة المحتملة مع إيران في أذربيجان الحليف الاستراتيجي لتركيا والذي تحشد إيران على حدوده متهمة إياه بتسهيل تواجد قوات إسرائيلية على أراضيه تهدد أمن إيران بل وصل الأمر بتحرش القوات الإيرانية به في ملف قابل للانفجار في وجه أردوغان في أي لحظة
الثالث : توقف المخططات التركية في ليبيا وتراجع كبير لنفوذها هناك خاصة بعد سقوط جماعة الإخوان في تونس .
الرابع : انهيار العملة التركية الليرة التي فقدت هذا العام وحده حوالي 25% من فيمتها ففي عام 2018 كان الدولار يساوي 2 ليرة والآن الدولار تجاوز 9ليرة .
الخامس : تفاقم الديون الخارجية لتركيا والتي بلغت 420 مليار دولار .
قد يقول قائل كان ينبغي على أردوغان بدلا من أن يلقي بورقة جديدة في إثيوبيا أن يعود إلى حدوده ململما أوراقه التي بعثرها في كل اتجاه مستكملا نجاحاته بل إنجازاته الداخلية التي حققها لتركيا في بداية حكمه من 2010 : 2002
لكن يبدو أن العودة أصبحت مستحيلة ولم يبق أمام أردوغان إلا أن يكتب السطر الأخير في كتاب حياته السياسية التي أوشكت على الانتهاء .