.
كثيرا ما تختلط المشاعر علينا في هذه الحياة المبهمة ، ولعل السبب في ذلك هو الجهل في الهوية الشعورية التي تمزج بين شعور المحبة والشعور بالتعود أو لأننا نحاول قدر الإمكان أن نخفي مشاعرنا أو نزيّف حقيقتها إذا ما كنا في مكان المناسب والرائج وفي وضعنا المناسب والممكن
فما نحن إلا قوم يشتهر بالعبث بالمشاعر فكثيرا ما
نخفيها ونتلطى خلف مشاعر التعود ونطلق عليها ” حبا ” غير أن الفرق بين الحب والتعود فرق شاسع كما الفرق بين الأرض والسماء
فالحب لا يشبه التعود بشيء هو شعور آخر مخالف لطبيعتنا ، لكينوننتنا و لما نحن عليه لما نحن عليه لما نحتمله وما نتحمله
الحب ، شعور غريب يجعلنا فجأة نطيق ما لا نطيق ، ونتقبل ما لا يُتقبل ، نحاول المستحيل و نستحيله ، حتى يغدوا أكثر إمكانية .
اما تعود فهو السكون النفسي في منطقة الراحة ، استراتيجية قبلتها وتقبلتها ولازمتها فترة من الزمن حتى باتت من سلوكياتك اليومية وعيشك الروتيني .
من الظلم لنا ولمن حولنا ان نخلط بين التعود والحب .
فنحن نظلم أنفسنا على وجه الخصوص حين نحاول أن ندعي أن هذا التعود هو الحب قد يكون التعود حبًا من نوع آخر ولكنه بالتأكيد ليس بحب .
كم جميل لو أننا تفكرنا أكثر في مشاعرنا فصرحنا عنها وتصارحنا معها حتى فهمتنا هي وفهمناها نحن .
فالإنسان يعيش حالة الحب مرة أو أكثر ولكنه يعيش التعود كل يوم ولعل السر في ذلك عودتنا دوما إلى المتاح ذاك الذي يوهمنا بحالات مشاعرية مؤقته تزول عند أول لمحة حب وتختفي عند بارقة أمل في حب حقيقي .
كم جميل لو أننا نفقة حقيقة مشاعرنا تفهمنا وتتفهمنا حتى نعي الفرق بين الحب والتعود والمتاح الذي تفرضه الأسواق المشاعرية على حياتنا .
حياة الإسفلت والبلاستيك تلك جعلت المشاعر تشبها و زمان السرعة والتسرع فرض علينا فقط عدة خيارات محصورة بما يدور في فلكنا ويسمى بالمتاح .
هكذا تأقلمنا مع وضع لا يشبهنا و نتشبه نحن به
الحب أمر آخر الحب لو لم يكن موجودا لكنا اخترعناه .
هو الحب ولا يشبه شخصياتنا بشيء ولكن أن نحب أن نكون على استعداد لبناء شخصية جديدة و مفرق جديد وسيرة جديدة وحياة جديدة ، فلا تقبل بأقل مما تستحق ولا تتقبل متاحا تحت مسمى الحب .
ثانبا . الحب لا يجعلنا ملائكة
ببساطة ندخل في أي علاقة تحت مسمى الحب على أمل لا بل على آمال أن نتغير ونتبدل نحو الأحسن والأفضل فنصبح مع الوقت بشرًا أشبه بالملائكة لا أخطاء فينا ولا ثغرات ولا حتى عيوب
و نظن لا بل نتيقن أن إكسير الحب سيحل علينا ليجعل منا بشرا خاليين من العيوب والمثالب بشرا أقرب إلى المثالية يحسنون التصرف مع كل من حولهم
ويخيب بنا الأمل بعدها عند أول تصادم ومشكلة لعدم امتلاك الحب هذه القدرة العجيبة و القوى الخارقة السحرية في تحويل مساوئنا المروعة الى حسنات رائعة
والامر بكل تجرد و بساطة يعود الى الطبيعة البشرية التي ننتمي اليها
نحن و هم نحن بالحب أم بدونه تركيبة بشرية معقدة وبسيطة في آن معا فيها الصح وفيها الخطأ فيها الجيد والسيء الرائع والمروع معا
ولا علاقة للحب بتجميل طبائعنا او اظهارها على حقيقتها و حتى اخفائها فالحب لا يبدل الشخصيات والأخلاق والطباع
فما نحن به وعليه يبقى معنا حتى نهاية الطريق او حتى قبولنا نحن قبولا شخصيا بتغييره والعزم على ذلك بقرار صريح
اما الحب فلا يستطيع تغييره أو تغييرنا وجعلنا ملائكة نعيش في أرض الواقع
والفكرة الاهم أننا لسنا كذلك وغير مطالبين أن نكون
من يحبنا سيحب فينا طبيعتنا البشرية التي تكون تارة على حق وتارة على باطل
الذي يحبنا سيحب صوابيتنا وأخطائنا معا صوابية تلملم عثراتها وتنهض من جديد مع درس بعنوان ” كيف أبدل هذا الخطأ في المستقبل ” فالحياة قابلة دوما للأخطاء تغفرها وتسامحها وأنت كذلك يجب أن تكون
تقبل ذاتك ولا تلمها ولا تلم الحب وتجبره ان يغييرها فهي جديرة أن تحب
الحب لا يجعلنا ملائكة لا بل يترجم فينا طبيعة بشرية جبلنا بها ويجعل الحياة بمرها معنا أحلا وأجمل بكثير
ثالثا . بالكف ……… المليان
المحبون في حياتنا صنفان :
صنف معطاء كريم يقدم كل ما يملك ويضحي لإجل إسعاد الشريك
وصنف آخر بخيل حتى في التعبير عن مشاعره يعتبر القساوة والجفاء طقس من طقوس المحافظة على حبيبه
فكلما جافاه وقسى عليه كلما ضمن حبه أكثر فأكثر وكلما ضمن خوفه من فقده أكثر وأكثر وتعلقه المرضي بوجوده
والحق يقال هذه الطريقة متبعة ومجربة بشكل كبير ونتائجها ممتازة
فالانسان بطبيعته يخشى الفراق يخشى الفقد يخشى خسارة من يحب يكره الخوف ويكره التعاسة فتراه متشبثا بمن يحب بأسنانه وأظافره كي لا يخسره فيدمن صنف المعطي ويعلو مرتبة حتى ينال لقب المتنازل
وهكذا تكر السبحة فيفرط في العطاء والتنازل معا حتى يتلاشى هو ويبقى شريكه مسيطرا على تلك العلاقة
علاقة كهذه خاوية من التوازن قويها يهيمن على ضعيفها ويظن انه منتصر وسينتصر دوما
الا أننا في حالات نادرة يصيبنا شيء من الوعي ورغبة في التغيير فنعي أن العطاء ليس أبديا والتنازلات ليست لا متناهية فنقرر التوقف عن التنازل وهدر الكرامة بلا طائل و هنا يصاب شريكنا بصدمة فكيف لهذا الشخص الموجود في كفي دوما الذي اعلم وأتيقن انه لا يحيى الا بي وبوجودي أن يرحل و أن يقرر التوقف عن الابحار معي لا بل و يغير مسارا كتبته له
أسئلة ليست في الحسبان أسئلة مفاجئة من اللامتوقع واللامحسوب
والحقيقة أننا نكون قد صرفنا طاقة هذا المعطي وأنهينا كل أرصدته بعجرفة وغرور وتوقعنا انه لن يغادر
ننظر اليه وكأنه شخص جديد لا نعرفه ولا نمتلك القدرة على معرفته
تذكر لا أحد يعيش الى الابد في الكف الملآن ولا أحد مضمون حتى اللانهاية
تعامل الاخر معنا في الحياة هو انعكاس لما نقدمه له لما نغرسه فيه فلا تنكرنّ من المعروف شيئا فبعض الخسارات تتصور انها تعوض ولكنها في الحقيقة غير قابلة للتعويض ……… تذكر