بيد صارمة يفعل الزمن ببني الإنسان الأفاعيل ، فهو جندي خفي من جنود رب العالمين يزحف نحو الإنسان ويتسلل في خفاء مطلق
فبيده يشيخ البدن ويشيب الشعر وينحني الظهر وتضيق الأحداق وتسقط الأسنان ويذبل الجمال والنضرة
فالشاب الفتي القوي يدهمه الزمن فيسلب قوته وينزع نضرته ويحيله عاجزا مسنا فاقد الحول والطول
والفتاة الفاتنة التي تتلهف العيون لمرآها ينهش الزمن سحرها وجمالها ويسلب فتنتها وينتهي بها إلى عجوز نكراء تفر منها العيون
والزمن سلاح الضعيف وسيف المظلوم ينتصر لهم في عزة وإباء , فيغير بالأسقام ويهجم بالأمراض ويتسلط بالأوجاع فيرعش الأيادي الباطشة ويخل العقول الماكرة ويضعف القلوب القاسية فيقهر الظالمين ويقعد الجبابرة ويذل المتغطرسين ويكسر أنوف المتكبرين .
ومن ذا الذي يواجهه أو يفر منه فهو العمر وهو الصباح والمساء نتنفسه كما نتنفس الهواء .
نتشبث به ونخشاه فيبطش بنا بجبروت ولا يبالي
فما ارتفع بنيان إلا هدمه ، وما قامت أمة إلا أفناها , يقلب الأمم في صفحاته بكبرياء ويطويها
فكم من أمة دفنت تحت الأقدام , فقوم عاد ذي الأوتاد مقبورون وقوم ثمود تحت الأقدام مدفونون
فما استعصت عليه أمة مهما أوتيت من قوة
فسبحان من بيده الزمن يقبضه ويبسطه
قبضه لنبيه محمد ليلة الإسراء والمعراج ” فسبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى “
وبسطه لأصحاب الكهف ” فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا “
سبحانه الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية
سبحان من لا زمن يحويه ولا يغير ولا يؤثر فيه .