كتبت: سحر عبد الفتاح
افتتح الأستاذ الدكتور محمود المتينى رئيس جامعة عين شمس ندوة ” ثقافة الاختلاف وفن الحوار”،والتي استضافت الدكتور عمرو الورداني أمين الفتوى و مدير مركز الإرشاد الزواجي بدار الإفتاء المصرية و نيافة الأنبا إرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطي الأرثوذكسى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، و الكاتب الصحفي و الإعلامي الأستاذ عبد اللطيف المناوي رئيس تحرير جريدة المصرى اليوم وبحضور الأستاذ الدكتور عبد الفتاح سعود نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، ، والأستاذ الدكتور هشام تمراز نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة وأ.د.جيهان رجب مستشار نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ومنسق الندوة و لفيف من السادة عمداء ووكلاء الكليات و أ. سهيل حمزة أمين الجامعة المساعد لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ولفيف من الطلاب والإداريين وتنظيم أسرة من أجل مصر المركزية و أدارت الندوة أ.د. دينا فاروق أبو زيد مدير المركز الإعلامي للجامعة وذلك ضمن فاعليات الموسم الثقافي للجامعة.
وفي كلمته أكد أ.د. محمود المتيني أن العام الدراسي الجامعي ٢٠٢١- ٢٠٢٢ شهد نشاط متنوع يتوج اليوم بهذه الندوة الهامة وجاء اختيار موضوع الندوة بالتزامن مع استمرار الدولة المصرية في مواجهتها مع الإرهاب الأسود وقدم سيادته خالص العزاء لأسر الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم جراء المواجهات الأخيرة مع الإرهاب.
و أوضح أن ثقافة الاختلاف وفن الحوار موضوع مطروح للنقاش المجتمعي ويحتاج للتناول من أكثر من زاوية خاصة وأن المجتمع الجامعي يضم شرائح مختلفة من المجتمع من أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة والطلاب والإداريين لافتاً أن مهارات التواصل والحوار أصبحت من الأساسيات التي من الضروري التحلي بها.
ونبه إلى أهمية أن نناقش قضية الوعي الذي أصبح ضرورة داخل المجتمع المصري ، لافتاً أن الاختلاف له أصول وقواعد وأسس لابد وأن يعيها الشباب المصري على وجه الخصوص في ظل ما يواجهه العالم من تحديات .فواقع المجتمع المجتمع المصري يتطلب نشر الوعي المجتمعي خاصة في التعامل والحوار عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي كلمته أكد أ.د. عبد الفتاح سعود أن مصر على مر تاريخها كانت مهد الكثير من الحضارات فهي أرض الشركاء على بقعة جغرافية واحدة، كما أن مصر الدولة الوحيدة التي أتاها الغزاة و انصهروا في عبقرية مصر فهي البقعة الوحيدة التي ينصهر فيها كل من يدخلها.
وتناول مسألة فلسفة تجديد الخطاب الديني التي لابد وأن تركز على ثقافة الالتقاء وليس على نقاط الاختلاف حتى تظل مصر ملتقى الأفكار و منبعاً للتلاقي والحوار.
واوضح أ.د. هشام تمراز أن الله خلق الإنسان ليكون خليفة له فى الأرض و ليزينها بالبنيان و العمران و ما كان عمران الأرض بمهمة مستعصية على الله خالقنا و إنما أراد أن يتم عمرانها بأيادينا نحن ولأن البناء و التشييد يلزم تعاون و ترابط فأوصانا الله عز و جل فى جميع رسالاته بذلك حيث أمرنا بأن نتعارف، نتلاقى، ونتراحم حتى نستطيع تحقيق مهمتنا فى بناء و إعمار هذه الارض ، لذا فلابد أن نتكامل و نتحد على اختلاف تنوعنا و ثقافاتنا و طبائعنا، مضيفًا أنه يجب علينا أن نبحث عن نقاط التماس والتشابه و التوافق ونُعظِم منها و من آثارها و ننبذ كل ما يجعلنا نختلف ونفترق، لافتا إلى التنوع الثقافي بمصر عبر تاريخها واندماجها المثالي في الثقافات المختلفة، مما أدى إلى الي وجود صورة رائعة وعقلية تتبنى أفكارًا جديدة ومتطورة لبناء وطن واحد .
و استعرض الدكتور عمرو الورداني سبعة نقاط شكلت سمات الإنسان المعاصر تحتاج للعلاج والتعامل معها منها الفردانية التي تصنع الأنانية المجتمعية إلى جانب زيادة سمة المزاجية وكذلك المظلومية فالبعض يعيش دور المظلوم كما زاد الإحباط عند الناس و الخوف من عدم الوصول للنتيجة إلى جانب أنه أصبح لدينا إفراط في الحساسية تجاه الكلمات والأفكار والنظرات وهو ما سيؤدي للعزوف عن الحياة الطبيعية و نتوقع أن يتجه الناس نحو حياة الميتافيرس وأخيرا يعاني المجتمع من العشوائية و التفريط في الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي الذي سيؤدي إلى شيخوخة قلبية.
و أشار إلى أن السوشيال ميديا توحشّت في غفلة من علماء الدراسات النفسية والإجتماعية
فإذا كنا صادقين في تطبيق لغة الحوار فعلينا بخمس محاور هي التعريف الصادق فكل منا لابد وأن يقدم نفسه بصدق للآخر ثم عملية التعارف ، يليها الاعتراف فكلا منا لابد أن يعترف بالآخر في ظل مجموعة من الأعراف مع التعامل بالمعروف الذي هو عنوان الحياة
إن الحوار يحتاج إلى فهم وتفهم وتفاهم وتعد الصورة النمطية أكبر معوقات الحوار فعلينا أن نطرحها جانباً
و العقلية التي تفهم ثقافة الاختلاف هي عقلية الوسع
وعندما تصبح حرية التعبير بلا منظومة قيم تصبح حرية التعدي.
وقال إنه ” إذا فسدت ثقافة الاختلاف وفن الحوار سيتكلم الناس فيما لا يعنيهم وهو ما نهى عنه سيدنا رسول الله.
وتناول نيافة الأنبا إرميا في كلمته ظاهرة الاختلاف التى هي ظاهرة طبيعية في كل مناحي الحياة ولكنه لا ينبغي أن تؤثر على العلاقات بين البشر و يؤدي إلى سوء التفاهم ونوع من التصارع والخلاف
و استشهد بمقولة الإمام الشافعي إن رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب.
و أضاف أن مصر أرض الحضارات و شهدت التعددية التي هي نوع من التنوع والتميز لافتاً أن التعددية مفهوم يدفع للتعايش والتآخي بهدف ضمان التفاعل الخلاق والعيش بسلام مع مكونات المجتمع فالتعددية تحتاج لغرس مفاهيم الإنسانية المشتركة التي أقرتها الأديان السماوية.
وقال إن أي علاقة إنسانية بدون احترام لن تكون علاقة سوية فالمعاملة بأسلوب لين و الكلمة الطيبة تؤدي إلى التفاهم ، والحرية يجب أن تكون حرية مسؤولة وليس حرا من يهان أمامه إنسان أو يشعر بإهانته.
وضرب العديد من الأمثلة من القرآن والإنجيل والأقوال المأثورة للعديد من الشخصيات التاريخية الرفيعة
وقدم العديد من النصائح التي ينبغي الأخذ بها لبناء قاعدة حوار مشتركة مع الآخر.
وفي كلمته استعرض الكاتب الصحفي عبد اللطيف المناوي جانب من تاريخ مصر مؤكدا أن مصر كانت قوية حين كانت تتسع لكل إختلاف فقبول الآخر هو مصدر قوة المجتمع المصري.
و قال إن استيراد المفاهيم الدينية من مجتمعات عربية أخرى أدى إلى تغير شكل التفكير في المنطقة ككل بالتزامن مع الثورة الإيرانية مع نهاية السبعينيات و بالتزامن مع خروج الكثير من الجماعات الدينية عن السياق المجتمعي والسياسي للدولة المصرية وما تبعها من ظهور الجماعات الدينية المتشددة التي لا تنتمي أفكارها للثقافة المصرية وهو ما غير في مكامن المجتمع المصري فبدأت تطفو على السطح مختلف أشكال العنصرية التي ترفض المختلف بكل أفكاره و حتى شكله و طباعه.
و أوضح أن التحدي الحقيقي الذي نواجهه هو التشدد الفكري الذي تم تصديره لنا من المجتمعات العربية وما تبعها من تغلغل في النسيج المصري وهو ما أدى لحالة شديدة من التردي ، مؤكداً أننا بحاجة للبحث عما أصاب المجتمع المصري من متغيرات.
واختتمت الندوة بفتح باب النقاش والأسئلة من الحضور مع ضيوف الندوة.