الدنيا حكاية خرافية أحداثها أغرب من الخيال تتحدث عن البقاء ولا شئ فيها يدوم، فالحقيقة انه لن يكون هناك بقاء ولكن سيكون هناك ذكرى جميلة للأيام واللحظات الجميلة فقط ، فحافظ على نقائك مهما تلوث محيطك. سوف تجد قانون الطبيعة يختلف كلية مع قانون البشر فمن رق له قلبك استغلك لصالحه، ومن أمنته سرك نقضك وذلك به ، ومن احترمته بقدره أستصغرك وقلل من احترامه لك .
لذا حافظ على نقاء قلبك ولسانك وتصرفاتك ليس من أجل الآخرين فقط ولكن من أجل نفسك أولاً، ولا تنساق مع أهل الدنيا وارتق بذاتك مع من همهم الآخرة . ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺮﻙ ﺃﻣﺎﻧﺔ على سبيل المثال ﻋﻨﺪ ﺷﺨﺺ ما ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻟﻚ ﺇﻧﻬﺎ “ﺑﻌﻴﻮﻧﻲ” ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﻣﺎن وقتها . فبماذا ﺗﺸﻌﺮ إذن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻚ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ : “وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا “.
دّعوا خططكم واحلامكم واستقبلوا الطريق إلى ما كتبه وقدره الله لكم ، ربنا كاتبه بهدوء، فجميعنا أمرنا كله بيد الله فلو نقمنا أو أعترضنا أو قنطنا من شئ فلن يحدث إلا ما كتبه وقدره الله لنا فربما في ذلك حكمة لا يعلمها إلا الله ومن إختباراته لصبرك ورضاك فارض وتأدب مع الله عند البلاء واصبر لبلوغ حكمته المنشودة .” فرُبّ خيرٍ لَم تَنله كان شَر لو أتاك ” . ليس هناك ما ضاع منك أو أفتقدته ، بل تذكر دائما أن الله قال لك ” يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ ” فما فاتك ليس لك حتما ، فعندما يغلق الله لك بابا سوف يفتح لك أفضل منه وما به الخير لك .
سوف تتأكد يوما ما أن الله أختار لك الأحسن والأفضل ، فلا تبكي على اللبن المسكوب وركز على نعم الله التي منحها لك والتي لا تعد ولا تحصى ، وأعمل بقول الله تعالي ” إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم “فحاول أن تطور وتغير من نفسك وستجد نعم الله تكون في طوعك وستفتح لك أبواب كثيرة . فلن يستمر الحزن للأبد فلابد من فرح بعده ، فأكيد بعد الصبر رضا ، وبعد الخسران أكيد بيكون مكسب ، ولحظة الإنكسار والخذلان لن تدوم فسيأتي من يشد ويربط على يديك ويجبر بخاطرك ، فكل هذا من حكم الله وتدابيره . ربما كان تقديرنا للأمور به شيئا من الخطأ فما خسرناه لم يكن عقابا من الله ولا هو نتيجة غضب من الله علينا ، فلو نظرنا للأمر بعين الله وتقديره لعرفنا أن أختاره لنا هو الأفضل ” إِنَّ اللهَ إذا أحبَّ عبدًا ابتلاهُ ليسمعَ تضرُّعَهُ” فكل من أحبهم الله ابتلاهم ومنع عنهم ملذات الحياة لينالوا خيرات الآخرة . كما ابتلى سيدنا نوح عليه السلام في ولده العاص بالغرق ، وكما ابتلى رسولنا الكريم في موت أبناءه وبناته بدفنه لهم بيديه – ماعدا فاطمة – “هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا “
فلما لا نعاهدِ اللهَ ولنعاهد أنفسنا أن نبدأَ من اليوم حياة جديدة بقلبٍ سليمٍ صادقٍ، قلبٍ نقي تقي يرضى بقضاء الله ويؤمن بحكمة الله في أقدارنا وانه جل جلاله حتما لن يختار لنا السوء ، لنخرجَ من ظلماتِ أنفسِنَا من قنوط أطماعنا إلى نورِ الإيمانِ وطاعةِ اللهِ’ والإيمان بالقضاء والقدر .
كتب / خـــــالـــــد إبـــــراهــــــيم