شهدت اليوم الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة معهد التخطيط القومي؛ إطلاق الإصدار السادس لتقرير ال
تنمية العربية تحت عنوان “النمو الاقتصادي العربي في ظل الأزمات: جائحة كوفيد-19 وما بعدها”. وذلك خلال افتتاحها المؤتمر العلمي السادس عشر للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية حول موضوع: “تعزيز قدرة الاقتصادات العربية على الصمود في مواجهة الأزمات”، والذي ينعقد بمدينة العلمين الجديدة في الفترة 1-2 أكتوبر 2022، تحت رعاية دولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.
ويعد تقرير التنمية العربية أحد أهم التقارير التي يصدرها المعهد العربي للتخطيط بالكويت بالتعاون مع معهد التخطيط القومي، ويُمثل نموذجاً للتعاون والعمل العربي المشترك، حيث يقوم بدراسة مجموعة متنوعة من المواضيع الاقتصادية والاجتماعية الهامة والمعاصرة التي تشكل أهمية بالغة لمختلف الدول العربية، وتحليل واقع هذه الدول والصعوبات والتحديات التي تواجهها، إضافة إلى اقتراح أفضل السبل والسياسات التي تسعى إلى تحسين تنمية دول المنطقة العربية اقتصاديا واجتماعيا.
وفي إصداره السادس، تطرّق التقرير إلى موضوع الأزمات وتأثيرها على الدول. وركّز على جائحة كوفيد-19 وتداعياتها على الدول العربية وعلى نموّها الاقتصادي، وألقى الضوء على التدابير والحزم المالية التحفيزية التي تبنّتها هذه الدول للتصدّي للآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية لهذه الجائحة. إضافة إلى ذلك، عرض التقرير خبرات من تجارب عربية في إدارة الأزمة، وطرح مجموعة من التوصيات لإشكالية النمو الاقتصادي في فترة ما بعد الجائحة، وكذلك نوعية الإجراءات والتدابير اللازمة لتحفيز النمو الاقتصادي المستدام والموفّر لأكبر عدد من الوظائف.
وأكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة معهد التخطيط القومي؛ أهمية قضية تمويل التنمية وما تلعبه من دور محوري كأحد أهم المحدّدات لمدى قدرة الدول على المضي قُدُماً في تنفيذ برامج ومشروعات تحقيق التنمية المســتدامة، سواء في الإطارِ الأممي أو في الإطارين الوطني والإقليمي، وحاجة الدول الماسة لعقد شراكات فاعلة بين الحكومات والقطاع الخاص و المجتمع المدني والمؤسسات المالية لتوفير الاحتياجات التمويلية المتزايدة والتي أصبحت أكثر إلحاحًا مع المتطلبات التمويلية لمواجهة أزمة كوفيد- 19، وما تقتضيه من تخصيص الحِزَم التحفيزية للاقتصاد، والتوسّع في آليات التمويل المبتكرة، مثل السندات الخضراء وسندات التنمية المستدامة والتمويل المختلط، وهو ما يَقترِن أيضاً بأهمية تبنّي مبادئ الحوكمة والشفافية والمساءلة، على كافة المستويات، إلى جانب ضرورة تطوير أدوات الاستشراف لاستباق وإدارة المخاطر والأزمات، من خلال تطوير منظومات وقواعد البيانات والمعلومات، وتعزيز قدرات الدول العربية فى مجالات التحوّل الرقمي، وما يرتبط بذلك من توافر التكنولوجيا وتهيئة البنية التحتية اللازمة.
وأضافت السعيد أنه إلى جانب التحدي المرتبط بتمويل التنمية، هناك تحديات اقتصادية واجتماعية أخرى لا تقل أهمية تواجه دول المنطقة وتستلزم جميعها تعزيز آليات التعاون لإيجاد الحلول والمعالجات الناجحة لقضايا التنمية وتحدياتها في المنطقة العربية، والانطلاق من خلال الشراكات الفاعلة نحو تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي تُعظِّم الاستفادة من الإمكانات العربية وتُلبي تطلعات شعوبنا، وتُمهّد السبيل لتنفيذ الأهداف الأممية للتنمية المستدامة 2030.
كما أكدت وزيرة التخطيط اعتزاز مصر بتواصلها الدائم مع الأشقاء من الدول العربية لتبادل الرؤى والأفكار والخبرات والتجارب الناجحة، خصوصًا في ضوء التجربة التنموية المصرية خلال الأعوام القليلة الماضية، والتي انطلقت في بيئة لم تَخْلُ من التحديات، فعندما جاءت أزمة كوفيد- 19 وما تَبِعها من تداعيات اقتصادية واجتماعية كانت الدولة المصرية قد قطعت بالفعل شوطًا كبيرًا من الإصلاحات والجهود الجادة بدأتها منذ إطلاق “رؤية مصر2030″، في فبراير عام 2016، والتي تُمثِّل النسخة الوطنية من الأهدافِ الأُمَمية لتحقيق التنمية المستدامة، وكذلك تنفيذ المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي منذ نوفمبر2016، والذي تَضمّن اتخاذ العديد من الإصلاحات المؤسسية والتشريعية، إلى جانب التوسّع في مشروعات البنية التحتية التي شهدت طفرة غير مسبوقة أكدته المؤشرات والتقارير الدولية الصادرة في هذا المجال.
وأكّد الدكتور بدرعثمان مال الله، مدير عام المعهد العربي للتخطيط، أهمية هذا الإصدار والذي يتطرّق إلى موضوع الأزمات وخصوصاً جائحة كوفيد-19، والتي تعتبر أحد أبرز القضايا التي استأثرت، ولا زالت، بالرأي العام العالمي، والتي كان لها تداعيات كبيرة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية العالمية والعربية. وأشار في كلمته الافتتاحية بالمؤتمر إلى ما خلّفته هذه الجائحة من آثار سلبية كبيرة على النمو الاقتصادي في مختلف بلدان العالم بما فيها الدول العربية، ولحالة عدم اليقين حول مدى تطوّرها ومخاطرها، وما تفرضه هذه التطوّرات من تحديات اقتصادية واجتماعية، وازداد الأمر خطورة بحلول الأزمة الروسية-الأوكرانية، بعدما شهدت أسعار الطاقة والسلع الزراعية زيادات مضطردة أدّت إلى ارتفاع كبير في نسبة التضخم. كما نوه الدكتور مال الله إلى عرض التقرير لأبرز السياسات لمواجهة التحديات ومعالجة الاختلالات التي تواجه النمو الاقتصادي في الدول العربية والتدابير التي ينبغي اتخاذها، لتحقيق تحوّل جوهري يتعدّى السّعي لإنقاذ هذه الدول من الركود أو الإنهيار إلى تحفيز وتقوية هذه الاقتصادات من خلال إصلاحات هيكلية عميقة تساهم في دفع النمو. وعبّر عن أمله في أن يقدّم هذا الإصدار الفائدة المرجوّة للمهتمين من أصحاب القرار والباحثين، وأن يساهم في تقديم الحلول الصائبة التي تسعى إلى تصحيح مسار النمو وتحسين التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية.
وبدوره أشار الأستاذ الدكتور أشرف العربي، رئيس معهد التخطيط القومي بجمهورية مصر العربية، إلى أن هذا الإصدار يكتسب أهمية خاصة لتعامله مع قضية النمو الاقتصادي العربي عقب أزمة كوفيد-19، وهي القضية التي حسب قوله لا تشغل الدول والمجتمعات العربية فقط، ولكنها تتصدر جدول أعمال التنمية في معظم دول العالم المتقدمة والنامية على السواء. وأضاف بأن الجائحة وتداعياتها فرضت وقائع وتحديات جديدة للدول العربية والتي تستدعي البحث عن أفضل مداخل ومقاربات التعافي الفعّال وتجاوز تداعيات الجائحة نحو استعادة زخم النهوض والإنطلاق فى ظل أزمات جديدة تلقي بظلالها على العالم خاصة الحرب الروسية-الأوكرانية. وأضاف الدكتور أشرف العربي في الأخير بأن التقرير يقدم قراءة عربية لمخاض الجائحة العسير وانعكاساته على النمو الاقتصادي في الدول العربية وبلورة رؤى ومسارات مستقبلية للنهوض وتعزيز فرص النمو وتصحيح المسارات فى عالم يموج بالأزمات.
من جانبه قال الأستاذ الدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري “نرحـب بـكـم فـى فعاليـات المـؤتمر العلمـى السـادس عشـر للجمعيـة العربيـة للبحـوث الاقتصـادية حـول ” تعزيـز قـدرة الاقتصـادات العربيـة علـى الصـمود في مواجهـة الازمـات ” والذي يقـام بالتعـاون مـع الاكاديمية العربيـة للـعـلـوم والتكنولوجيا والنقل البحـرى والمعهـد العربي للتخطيط ، والذي يعقد برعايـة كريمـة مـن دولـة الاستاذ الدكتور / مصطفى مدبولى رئيس مجلـس الـوزراء المصرى .
وأضاف “عبد الغفار” لقـد اصـبحت الأزمـات سـمـة مـن سـمـات العصـر الحـالي، ومظهـرًا مـن مظـاهر النظام العالمي الجديد، فقـد تزايدت حـدة تلـك الازمـات فـي السنوات الأخيرة وتسارعت وتيرتهـا وتعـددت أنواعهـا بصـورة أصبحت تمثل تهديدا واضحا علـى قـدرة الاقتصـادات العربيـة علـى الصـمـود فـي مواجهـة تلـك الازمـات، ومـن ثـم علـى طموحاتـهـا مـن أجـل تحقيـق أهـداف التنميـة بمفهومهـا الشـامل والمستدام.”
وأوضح رئيس الأكاديمية أن هـذه الـدورة مـن المـؤتمر تختص بمناقشـة موضـوعات بالغـة الاهميـة، ومنهـا علـى سـبيل المثـال، التحـول الرقمـى والـذكاء الاصطناعي كمـدخل لتعزيـز قـدرة الاقتصـادات العربيـة علـى الـصـمـود فـي مواجهـة الأزمـات، والاطـار النظـرى والنمـوذج التنمـوى العربـى ، والاقتصـاد الاخضـر فـي مواجهـة ازمـة تغيـر المـنـاخ ، سلاسل القيمـة العربيـة والقدرة على الصمود في مواجهة الازمات ، وتمويل التنمية وتحقيق الاستدامة المالية، مشيرا إلى أنه سيتم ضمن فعاليـات المـؤتمر اطـلاق الاصدار السـادس لتقريـر التنميـة العربيـة حـول النمـو الاقتصـادي فـي ظـل الازمـات ” جائحة كوفيد – 19 وما بعدها “.
تجدر الإشارة إلى أن إنجاز هذا الإصدار من تقرير التنمية العربية، والذي أعدّه نخبة من الباحثين والخبراء من المعهدين، يأتي في وقت تسوده حالة من عدم اليقين حول جائحة كوفيد-19، إضافة إلى احتمال أن تستغرق الأزمة الروسية-الأوكرانية زمناً أطول من المرتقب، وما يتطلبه ذلك من تحديات جسيمة في الدول العربية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وقد تطرق التقرير إلى واقع ومسارات النمو الاقتصادي قبيل الجائحة، ليقوم بعد ذلك بتحليل التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لهذه الأزمة خصوصا على النمو الاقتصادي ورصد القطاعات والفئات الأكثر تضرّرا وانكشافا، بجانب رصد الفرص التي قد تمثل محركات جديدة للنمو الاقتصادي مستقبلاً.
من جانب آخر، قدم التقرير مراجعة تحليلية لتدابير وسياسات التعامل مع الجائحة وتداعياتها الاقتصادية في الدول العربية مقارنة ببعض التدابير العالمية، وتطرّق لموضوع الحوكمة وإدارة هذه الأزمة في الدول العربية المختلفة، والأدوار الصاعدة للرقمنة في التعامل مع هذه الأزمات عربياً وعالمياً. وانطلاقاً من حقيقة تجدد وتعدد وترابط الأزمات المحيطة بالعالم العربي وداخله، اجتهد التقرير فى وضع منطلقات وبلورة سياسات مقترحة لاستكمال التعافي من تداعيات الجائحة، وتعزيز نمو وصلابة وصمود واستدامة الاقتصادات العربية في المستقبل في عالم يسوده الأزمات وعدم اليقين.