الغابةعلى خلفية انتحار الأستاذ / أحمد رمضان صوفيبقلم / محمد فرج الله الشريفهنيئا للبشرية ما حققت من إنجازات فقد تحول الإنسان إلى آلة قمع وحقد وغل , آلة لا تعرف الرحمة ولا اللين .آلة عجيبة معقدة وقودها الضغائن والأحقاد وإنتاجها الشر والتدمير .آلة تطلق من عيونها نظرات تشق الأحجار وتحرق الأشجار وتقصف الأعمار .آلة لها ألسنة سكاكين حدادا تذبح الأبرياء والضعفاء بلا هوادة .آلة تفتك بكل من تخونه أعصابه أو تهتز نفسيته أو يضعف على حلبة الحياة .فقد تحولت البشرية بنجاح ساحق إلى وحوش ضارية ، فعلت ما لم تفعله الحيوانات المفترسةأصبحت تقتل باحترافية بل وتبدع في فنون وألوان القتل ، تمكنت بعبقرية مذهلة أن تجعل الإنسان يقتل نفسه بيده .فهنيئا لك أيها الإنسان فقد أصبحت أشرس من الأسود وأخبث من الحيات والأفاعي .الآن أنت سيد الأرض , الآن أنت عصري بجدارة ومتطور بمهارة .هنيئا لك أيها الإنسان فلم تعد محل ثقة ولا مصدر أمان ولا موضع سر لإنسان متألم مهموم , فقد أصبحت مرعبا ومخيفا فلك أن تتباهى وتفخر وتعتز بمجدك الذي حققته على الأرض أقصد غابتك التي صنعتها بيدك .نعم اضحك الآن , اضحك بسخرية , اضحك بمكر وبدهاء , أظهر أنيابك المسنونة وإياك أن ترحم ضعيفا , إياك أن تغيث ملهوفا أو تعين محتاجا أو تنصف مظلوما , فهؤلاء هم الطيبون الذين لا يستحقون إلا أن يكونوا ضحايا لأنهم بغبائهم يملكون مشاعر وأحاسيس .افعل أيها الإنسان ما تشاء فما الذي يردعك أو يمنعك , فقد تحررت من كل قيود القيم والمبادئ والأخلاق , أخرج سمومك في وجوههم ولا تخش أحد , افعل ما تشاء بحرية مطلقة فالجبابرة أصدقاؤك الآن سعداء بما تفعل ,أما الضحايا الطيبون فليس لهم إلا أن يمدوا أعناقهم للذبح مستسلمين أو يتناولوا السكين من يديك وبعفوية يقطعون شرايينهم مقهورين مبتسمين .واطمئن تماما فهؤلاء الضحايا لا يملكون من الحياة إلا كلمة واحدة يخفونها في أعماق قلوبهم هي ( الله ) .
