بقلم..محمد فرج الله الشريف
لم أشعر بالزهو والفخر كما أشعر الآن ،
الآن فقط ومنذ عقود عاد قلب الأمة ينبض , الآن عاد عقل الأمة يعمل ، الآن تستعيد الأمة توازنها الذي اختل بفعل فاعل ، وينشط وعيها الذي تم تشويهه بفجر فاجر ، الآن تسترد الأمة ذاكرتها التي فقدتها ، وتنفض عنها غبار عقود من الغفلة والسبات العميق .
تدهشني تلك الوجبة السياسية الشهية التي يتلقاها المواطن العربي من الشاشات ومن مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الساعة ؛ ليفرغ ما امتلأ به عقله من خرافات وإسفاف وأفلام وبلطجة ومشاهد جنس ومباريات .
تدهشني تلك الوجبة التاريخية الهائلة باستعراض التاريخ بطوله وعرضه بما يحمل من نجاحات وإخفاقات لأخذ العبر والدروس باستعراض حروبنا مع التتار والصليبيين وصفحات كثيرة في التاريخ كانت مطوية ومجهولة لشبابنا وأجيالنا الصاعدة التي حرمت من قراءة التاريخ وشلغت بالغث والرديء والتافه من الأمور .
يدهشني ذلك الحراك الفكري والإنساني المصحوب بتلك المساحة الكبيرة من الاختلافات في وجهات النظر ، الآن فقط خلافنا جميل ، خلافنا ممتع وشيق ؛ ألم نكن من قبل نختلف على مباريات كرة القدم ونسهر نتشاجر حول الفريق الفائز والفريق المهزوم !!؟؟ الآن نتحاور ونتناقش ونختلف حول شيء له معنى .
يدهشني تصدر قادة الجيوش والسياسيين والمفكرين والعلماء وأصحاب الرأي المشهد ، وتراجع دور اللاعبين والممثلين والمغنين والدجالين إلى حجمه الطبيعي بعد أن كانوا في الصدارة وملء الشاشات .
عرفتم لماذا اشتدت المحنة في غزة !!؟؟
لأننا كنا في حاجة إلى جرعة كبيرة من الألم لكي نصحو ونستفيق .
أيها القراء الأعزاء لا تتعجلوا انتهاء الرواية فنحن مازلنا في فصلها الأول
فلا تقابلوا الأحداث بهلع ، نعم هي أحداث جسام ولكن اعلموا أن اليأس جبن وخيانة ، والشعور بالهزيمة خسة ودناءة ، والاندفاع تهور وحماقة .
ولا تيأسوا من ظهور الخيانة وسط صفوفنا فذلك هو أكبر الانتصارات في تلك المرحلة ، اتركوا هذه الفترة تخرج الخبيث وتنقي الصف ، دعوا الخبثاء يظهرون وينكشفون ويخرجون من بيننا فوجودهم لن يزيدنا إلا ضعفا وخبالا .
ولا تبكوا على القتلى والشهداء ؛ فالطريق إلى الحرية والتخلص من التبعية الغربية وتحرير الأقصى هو طريق محفوف بالأشواك ومليء بالدماء لكنه بات قريب المنال .
واعلموا أن عدونا ينزف ويتآكل وتغلي مراجله بصوت مكتوم ، وهو يتألم كما نتألم ولكن ألمه يقتله ويهلكه ، وألمنا يوقظنا ويحيينا .
بل لا يخفى على أحد أن عدونا بات يترنح وأوشك على السقوط .
وأخيرا : اللهم احفظ أمتنا العربية واحفظ لنا مصرنا العظيمة الصامدة واحفظ جيشها الحصن المنيع الذي أثبتت التجارب والأيام أنه الأشرف والأنقى والأذكى والأقوى .