كتب..مجدي الشهيبي
في عصرٍ أصبحت فيه الصور تنتشر أسرع من الحقائق شهدت منصات التواصل الاجتماعي مؤخرًا ضجة واسعة بسبب حادث مأساوي لفتاة تُدعى “جيسيكا”. انتشرت المقاطع والصور بشكل فيروسي تحت عناوين مثيرة مثل: “الفيديو الكامل للحادث” و”ماذا حدث لجيسيكا؟” ليتحول الأمر إلى ترند عالمي خلال ساعات.
المحتوى كان شديد التأثير
صور حزينة لقطات فيديو بدت وكأنها مأخوذة من موقع حادث حقيقي مع نصوص مؤثرة تصف معاناة الضحية. المتابعون تعاطفوا بعضهم نشر والبعض الآخر دعا إلى التحقيق لكن خلف هذه الموجة من المشاعر كانت الحقيقة مختلفة تمامًا.
الحقيقة الصادمة
بعد تدقيق الصحفيين والمحققين الرقميين، تبيّن أن “جيسيكا” لم تكن موجودة على الإطلاق لم يكن هناك أي سجل رسمي أو خبر موثوق يشير إلى وقوع الحادث. المفاجأة الأكبر كانت أن الصور والمقاطع جميعها صُنعت بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي بينما استُلهمت القصة من حادث حقيقي قديم تعرضت له المدربة الرياضية الشهيرة دون برانشو.
كيف تم خداع الجمهور؟
- الصور المزيفة
تم توليدها باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي المتخصصة في صناعة صور واقعية لوجوه وأماكن لم توجد قط. - الفيديوهات المؤثرة
استُخدمت تقنيات المزج والتركيب (Deepfake) لإنتاج لقطات توحي بأنها مشاهد حقيقية للحادث. - النصوص الإخبارية
تمت صياغتها بأسلوب صحفي احترافي مع إدخال تفاصيل دقيقة لزيادة الإقناع مثل ذكر أسماء شوارع أو توقيت الحادث. - الترويج عبر الحسابات الوهمية
مئات الحسابات على منصات مختلفة شاركت القصة في وقت واحد، لخلق انطباع بأنها خبر كبير وحقيقي.
الجدل حول المحتوى المزيف
هذه الواقعة لم تكن مجرد إشاعة عابرة بل كانت درسًا تحذيريًا حول قوة التضليل في العصر الرقمي فالذكاء الاصطناعي الذي يُعتبر أداة ثورية في مجالات الطب والتعليم والصناعة،
أصبح في يد البعض وسيلة لتزييف الواقع وصناعة قصص لا أساس لها من الصحة.
خبراء الإعلام الرقمي يؤكدون أن مثل هذه القصص قد تؤثر على الرأي العام وتُستغل لأغراض سياسية أو تجارية أو حتى للابتزاز الأخطر من ذلك أن المشاهد العاطفية يمكن أن تدفع الجمهور إلى التفاعل والمشاركة قبل التفكير، ما يجعل المعلومات المضللة تنتشر بسرعة أكبر من الأخبار الصحيحة.
دروس مستفادة
التوقف قبل النشر_أي محتوى صادم أو مثير يستحق التحقق قبل المشاركة.
البحث عن المصدر_العودة دائمًا إلى القنوات الإخبارية الرسمية أو المواقع الموثوقة.
الوعي بتقنيات التزييف_ فهم أن الصور والفيديوهات لم تعد دائمًا دليلاً على الحقيقة
وأخيرآ
قصة “جيسيكا” الوهمية ستبقى مثالًا حيًا على كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخلق واقعًا موازيًا بالكامل يقنع ملايين البشر في دقائق ويختفي فجأة بعد انكشاف الحقيقة وربما تكون هذه الحادثة جرس إنذار لنا جميعًا بأننا نعيش في زمن يجب فيه أن نشكك أولًا… قبل أن نصدق
![]()

