كتب / محمد تمام.
اليوم يوم الملحمة والمبارزة اليوم يوم استعراض العضلات بالبودى جاردات والسيارات اليوم التبزير والصرف ببزخ الغير معهود ولامشهود اليوم يوم الجرى واستعطاف الفقير من أجل اعطائه صوته إنه يوم الإعادة للمرحلة الأولى فى الانتخابات البرلمانية لمجلس النواب ..
عشت معارك انتخابية كثيرة، وقابلت مرشحين كثر، وتكلمت مع ناخبين وناخبات من كل الاعمار والطبقات ، تعاملت مع غرف عمليات وتابعت النتائج،…
وبعد كل معركة إنتخابية كنت أجلس مع بعض اهل الخبرة لقراءة الدروس المستفادة، ووضع روشتات قادرة على قهر المستحيل، وبكل أسف تنفض لقائتنا وتأتى انتخابات آخرى ، فكانت الأمراض تتفاقم وتتعاظم ويكون الداء اكثر فتكا من ذي قبل…
حالة عبثية يعيشها المثقف والسياسى والمنتمى حزبيًا، ذاكرة ضعيفة وأخطاء متكررة ونواح متشابهة، وتحالفات خاطئة، نفس النتائج ونفس النقد للآخرين دون تمهل، اتهامات جاهزة يصبها على خصومه فى المعترك الانتخابى، ولا يفكر أن الخطأ قد يكون نابعًا منه، باختصار النخبة مفصولة تمامًا عن الجماهير..
وفى الانتخابات الجماهير هى صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة فى الحسم، وبالرغم من ذلك يتعالى عليها جناب المثقف الطموح للتغيير، فيسبها ويتهمها بالجهل، بل ويصل به الحال أحيانًا إلى اتهامها بقبول الرشاوى الانتخابية.
وطالما الحال هكذا، مرشح يمتلك الحكمة الكاملة، وجماهير مشكوك فى أمرها من وجهة نظره، فلماذا وجع القلب والحديث المتكرر عن نبض الجماهير التى يشعر بها مثقفنا الحنون، ولماذا يخوض السباق الانتخابى عارضًا بضاعته التى من الممكن أن تكون فاسدة وكأنه فى مشهد من فيلم أبيض وأسود مناديًا للناس «فجل يا كلاب».
هذا النموذج الذى نصادفه على المقاهى، وفى الصالونات المغلقة وقد يطل علينا من شاشات التليفزيون، ليس إلا دجالًا متثاقفًا، مفصولًا عن الناس وعن أفكاره لا يرى إلا نفسه، مريض بتضخم الذات، ونحن الآن فى ماراثون انتخابى عنيف شهدنا نماذج كثيرة من ذلك المرشح الذى يطرح اسمه للتنافس، ليس من أجل الفوز، ولكن من أجل إضافة سطر فى سيرته الذاتية كمرشح سابق للبرلمان، ويكون الترشح أيضًا واحدًا من أسباب استضافته فى على شاشات الفضائيات العبثية هى ايضا ، ليصرخ فينا بثقة علي المؤامرة التى حيكت ضده لإسقاطه، هو يقول ويتهم ولا يدرى أن كلامه على الجماهير يزيد من الفجوة الواسعة أصلًا بينه وبينهم، ليعيش فى أوهامه وكأمه ضحية.
لن أضرب أمثلة بالأسماء فى دوائر بعينها، .
ولكنى فى تحركات ميدانية على الأرض قبل التصويت فى الجولة الأولى التقيت فى الحوارى والأسواق والورش وفى القرى والعزب والكفور البعيدة والنائية حيث هناك بعيدًا عن أضواء النيون المبهر فى الشوارع الملونة والكافيهات المنتشرة فى كل شوارع مدينتى …..
التقيت الناس البسطاء المشغولين بتأمين يومهم وحياتهم، والذين لا يهمهم من المرشح سوى قدرته على تطوير أحوالهم فى أمور هى ابسط احتياجاتهم اليومية من مياه نظيفة ودواء ورعاية صحية وطريق ممهد وتعليم جاد غير مبتزل لقروشهم القليلة التى تأتى بالكاد ، لا يهمهم السيرة الذاتية التى يحارب بها المرشحون بعضهم بعضًا، فيضرب الناخب المثل فى الرقى والذكاء، أوهام المرشحين كبيرة، ولا أعتب عليهم فى طموحهم، ولكن عتبى على إصابة الغالبية منهم بالنرجسية والغرور والثقة المطلقة بالمنافسة والفوز دون مبررات منطقية لذلك.
يا سادة الماكينة الانتخابية لها أدوات لتشغيلها، أبسطها دراسة الدائرة وناخبيها ونوعية مشكلاتها وتصورات الحل، ومن أدواتها أيضًا توفر المتطوعين للعمل بحملة المرشح كوكلاء عنه على الصناديق، ومن أدواتها وضوح الرؤية والإيمان بحق الناخبين فى الاختيار الحر، أما لعبة أن جناب المرشح قد تفضل علينا بترشحه، وأن نجاحه فرض عين، فهذا ضرب من الخيال واستهلاك للوقت والجهد، وقد يكون صورة من صور الابتزاز والوهم.
ولكن على المتابع أن ينظر حوله ليرى من نزل ليتنازل، ومن نزل لينازل، ومن نزل ليعلق صورته البهية على جدران شقة والدته فتفرح، إنه موسم كوميدى فى بعض جوانبه، عشنا سنوات طوالًا نتاجر فى الخسارة، وندخل معاركنا تحت بند التمثيل المشرف، وأنا لا أرى أى شرف فى السقوط، خاصة الذى نغزل أسبابه بأيادينا، كنا نريح ضمائرنا متهمين خصومنا بالتزوير ومساندة الدولة له، وماتت هذه الحجة بعد الإشراف القضائى على الصناديق، فذهب البعض منا يرمى عجزه على الجماهير لعدم خروجها واصطفافها على جانبى اللجان وللحديث بقية فأنتظرونا فالجزء الثانى بحول الله تعالى
ا