كتب د. خالد إبراهيم .
أصبحنا في عالمٍ لا نكتفي فيه بمجرد عبارات الحزن، في عالمٍ أصبح فيه الحزن أكثر عمقًا من الكلمات، فلا تكفي الكلمات لوصف أحزاننا التي تتلاطم مثل أمواج البحر في ثورته وغضبه. حتى عندما نعترف بهزيمتنا، ونتراجع قليلًا كما يفعل النهر الذي يجر أذياله، نترك خلفنا ذكريات تشبه السمك الميت ممزقة الأشلاء على أطراف النهر، نعي تماماً أننا لسنا في أبهى أيامنا، ولا في أقساها.
نصحو يومياً على أخبار الرحيل والغدر والخذلان، حتى من أقرب الناس إلينا. نسمع الطعن أحياناً ممن نعتقد أنهم سندنا أو بالأحرى ممن نثق بهم ، ونتلقى الصدمات التي تُضعفنا للحظة، ومنها صدمات الحياة التي تشبه أمواج البحر الهائجة لكننا -على الأقل- نتعلم التعايش مع الواقع.
في خضم هذه التجارب، نحاول تحسين الظن بالآخرين، نؤمن بالقدر، وندرك أن ما نمر به ليس عبثًا بل اختبارات من رب الكون. نسعى لتقبّل ما لا نستطيع تغييره، ونتأقلم مع الحياة، ونعيد ترتيب أولوياتنا بين الألم والرضا، بين الفقد والأمل، بين ما فقدناه وما يمكن أن نكسبه.
فإن القوة الحقيقة لا تكمن في تجنب الألم بل تكمن في القدرة على المضي قدماً والتعايش مع الواقع رغم الخيبات، وفي امتلاك الشجاعة لمواجهته بعين صافية، وقلب مؤمن بأن لكل تجربة معنى، وأن لكل دمعة درباً نحو النور.
وختاماَ ربما لا نستطيع التحكم بما يحدث لنا، لكننا بالتأكيد نملك القرار في كيف نعيش ونتعايش متى نقبل ومتى نرفض ونعترض، كيف نحوّل صدمات الحياة إلى دروس وعِبْر من خلال تجارب سالفينا، والإستفادة منها كفرص للنمو والتأقلم.
![]()

