في 26 كانون الثاني/ يناير 2022، أقرت منظمة الصحة العالمية بأن المملكة العربية السعودية قد قضت على التراخوما، بوصفها إحدى مشكلات الصحة العامة، وبذلك تكون المملكة العربية السعودية البلد الرابع في إقليم المنظمة لشرق المتوسط الذي يحقق هذا الإنجاز المهم. والتراخوما مرض من أمراض العيون المُهمَلة المنتشرة في المناطق المدارية. ويُصاب الأطفال بهذه العدوى في سن مبكرة. ويمكن أن يؤدي الالتهاب إلى ظهور ندوب متفاقمة في الجفن، مع ما يترتب على ذلك من عواقب على المدى الطويل، بعد سنوات أو حتى بعد عقود من الزمن، قد تُفضي إلى العمى.
ويعود الفضل في نجاح المملكة العربية السعودية في القضاء على التراخوما، إلى حدٍّ كبير، إلى الجهود التي تبذلها وزارة الصحة بعد إدماج برنامج شامل لرعاية العيون في خدمات الرعاية الصحية الأولية، وبالتعاون مع الجهود التي تبذلها قطاعات عامة أخرى، مثل وزارة التعليم ووزارة البيئة والمياه والزراعة.
وقال الدكتور أحمد المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط: «إن هذا إنجاز كبير ينقذ الناس من الإصابة بضعف البصر أو العمى اللذين يمكن الوقاية منهما، ويهدف هذا الإنجاز إلى تحسين جودة الحياة والعافية». وأضاف: «إن قصص النجاح هذه مُشجِّعة، وتساعدنا في القضاء على المزيد من الأمراض في إقليمنا».
وستواصل المملكة العربية السعودية ومنظمة الصحة العالمية الرصد الدقيق للمناطق التي كانت موبوءة في السابق، لضمان الاستجابة السريعة والمناسبة لأي عودة لظهور المرض. كذلك، تتصدى المملكة العربية السعودية، بدعم من منظمة الصحة العالمية، لأمراض المناطق المدارية المهملة الأخرى، ومنها داء البلهارسيات، وعدوى الديدان المكتسبة من المشي بأقدام حافية، وداء الليشمانيات. وتُعَد الجهود المتواصلة التي يبذلها العاملون الصحيون حاسمة في القضاء على هذه الأمراض.
ولا تزال التراخوما متوطنة في خمسة بلدان بإقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، غير أن تقدُّمًا قد أُحرز على مدار السنوات القليلة الماضية. وانخفض عدد المحتاجين إلى علاج التراخوما بالمضادات الحيوية في الإقليم بنحو 28 مليون شخص: من 39 مليونًا في عام 2013 إلى 11 مليونًا في عام 2020. وللقضاء على التراخوما طوال التاريخ الطبيعي للمرض، توصي منظمة الصحة العالمية بتنفيذ استراتيجية SAFE التي ترمز حروفها إلى جراحة الأهداب، والمضادات الحيوية، ونظافة الوجه، وتحسين البيئة، لتحقيق القضاء على التراخوما بوصفها مشكلة صحية عامة. وتشمل هذه الاستراتيجية: 1) الجراحة لتصحيح المضاعفات المرتبطة بانقلاب الجفن؛ 2) استخدام المضادات الحيوية لعلاج العدوى؛ 3) نظافة الوجه لمنع انتقال العدوى بين الأطفال؛ 4) تحسين البيئة على النحو الذي يؤدي إلى تحسين النظافة. إن القضاء على التراخوما غير مكلف، وبسيط، وعالي المردود للغاية، ويؤدي إلى ارتفاع معدل العائد الاقتصادي الصافي.
لقد ساهم التقدم المحرز في مكافحة التراخوما، وغيرها من أمراض المناطق المدارية المهملة، في تخفيف العبء البشري والاقتصادي الذي تُثقِل به هذه الأمراض كاهل المجتمعات الأشد حرمانًا في العالم. وتسعى خريطة الطريق لأمراض المناطق المدارية المهملة للفترة 2021-2030 إلى الوقاية من 20 مرضًا أو مكافحتها أو القضاء عليها أو استئصالها بحلول عام 2030.