خلال المؤتمر السنوي لمعهد التخطيط القومي حول “الحوكمة والتنمية المستدامة”:
قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ورئيس مجلس إدارة معهد التخطيط القومي إن الدولة المصرية قطعت شوطًا كبيرًا من الإصلاحات والجهود الجادة التي بدأتها منذ ثمانية أعوام بهدف تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، من خلال إطلاق “رؤية مصر2030″، في فبراير عام 2016 وتحديثها مؤخرا بما يتواكب مع المستجدات التي شهدتها البيئة الدولية والمحلية.
جاء ذلك خلال كلمة الدكتورة هالة السعيد التي ألقاها نيابة عنها الدكتور خالد زكريا، مدير مركز السياسات الاقتصادية الكلية بمعهد التخطيط القومي، ورئيس اللجنة الأكاديمية للمؤتمر خلال فعاليات المؤتمر السنوي لمعهد التخطيط القومي الذي يعقد هذا العام حول “الحوكمة والتنمية المستدامة” بالتعاون مع مشروع الحوكمة الاقتصادية الممول من الوكالة الامريكية للتنمية وكلية الشئون الدولية والعامةColumbia SIPA، بحضور الدكتور أشرف العربي رئيس معهد التخطيط القومي، د. أحمد كمالي، نائب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، د.شريفة شريف، المدير التنفيذي للمعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة، د. هبة مغيب، رئيس قطاع التخطيط الاقليمي بوزارة التخطيط، ومدير مركز التخطيط والتنمية الصناعية بمعهد التخطيط القومي، وعدد من السادة الخبراء والاكاديميين.
وأشارت السعيد إلى تنفيذ مصر المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي منذ نوفمبر 2016، الذي تَضمّن اتخاذ العديد من الإصلاحات المؤسسية والتشريعية والإجراءات التحفيزية لتهيئة بيئة الأعمال، مضيفة أن الدولة تواصل هذه الإصلاحات بالمضي قدما في تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية الذي تم اطلاقه في إبريل 2021 بتشريف رئيس مجلس الوزراء ومن خلال تشاور وحوار بنّاء مع القطاع الخاص، ويستهدف البرنامج تحويل مسار الاقتصاد المصري ليُصبح اقتصادًا إنتاجيًا يرتكز على المعرفة ويتمتّع بقدرات تنافسية في الاقتصاد العالمي، من أجل تشجيع النمو الاحتوائي وخلق فرص عمل لائق ومُنتِج، وتنويع وتطوير أنماط الإنتاج، وتوطين الصناعة المحلية وزيادة تنافسية الصادرات المصرية.
وأضافت السعيد أنه تفعيلا لذلك اعتمدت الدولة في أكتوبر 2022 وثيقة “سياسة ملكية الدولة”، التي توضح للمستثمرين دور الدولة في مختلف القطاعات كمُنظّم للنشاط الاقتصادي وفق آليّات السوق، وكيفية تخارج الدولة من الأنشطة التي سيتولى القطاع الخاص الدور الأكبر فيها، مثل الصناعات المختلفة والبنية الأساسية بمفهومها الواسع، وتتضمّن الصحة والتعليم، بالإضافة إلى البنية الأساسية التقليدية والاتصالات، حيث تُسهم هذه الوثيقة في تُوفّير بيئة خصبة ومُحفّزة للاستثمار والتنمية، وتستهدف زيادة الاستثمارات الـمحلية والأجنبية، ورفع كفاءة وفاعلية الاستثمارات العامة.
وأشارت السعيد إلى تنفيذ الدولة المصرية توجهها الجاد نحو التحوّل للاقتصاد الأخضر، والمحافظة على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، فتتبنّي الدولة معايير الاستدامة البيئية التي تستهدف أن تمثّل المشروعات الخضراء نسبة 40% من الخطة الاستثمارية للدولة للعام المالي 2022/2023، و50% من خطة عام 2024/2025، لافتة إلى تنفيذ الدورة الثانية من المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية في محافظات الجمهورية والتي تسهم في تعزيز تفاعل المحافظات والمحليات مع قضايا البعد البيئي في التنمية من خلال وضع خريطة تفاعلية على مستوى المحافظات للمشروعات الخضراء والذكية، وربطها بجهات التمويل وجذب الاستثمارات اللازمة لها، من الداخل والخارج، مشيرة إلى مبادرة حياة كريمة، والتي حظيت بإشادة المنظمات العالـمية، حيث تم تسجيلها على منصّة مُسرّعات تحقيق الأهداف الأُمميّة في يوليو 2020 وعلى منصّة أفضل الـمُمارسات الدولية في يوليو 2021، التابعتين لإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية للأمم الـمُتحدة (UNDESA).
وتناولت السعيد بالحديث البرامج التي يقدمها المعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة ومشروعات تطوير خدمات المحليات والتي تشمل تطوير دواوين عموم المحافظات وتطوير المراكز التكنولوجية بالأحياء والمدن، والمجتمعات العمرانية الجديدة، والتوســـــــــع في إنشـــــــاء المراكز التكنـــــــــولوجية المتنقلة (سيارات الخـدمة المتنقلة والتي تجاوزت 250 مركز تكنــــــــولوجي متنقل في مختلف المحافظات والمناطق على مستوى الجمهورية)، وكذلك التوسع في إنشاء مراكز ومجمعات الخدمات الحكومية النموذجية المتكاملة (مركز خدمات مصر) – في اسوان وشرم الشيخ وجاري افتتاح مركز خدمات القاهرة- والتي تقدم الخدمات الجماهيرية للمواطنين بأعلى جودة.
وفي إطار الحديث عن جهود الدولة لرفع مستوى الخدمات وتحسين جودة الحياة للمواطن المصري أوضحت السعيد أن الدولة تعمل كذلك على مواصلة تنفيذ العديد من مشروعات التطوير المؤسسي ورفع كفاءة الأداء في المؤسسات المختلفة حيث أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية “جائزة مصر للتميّز الحكومي”، لثلاث دورات متتاليتين (2019-2021-2022)، تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، وذلك بهدف نشر ثقافة الجودة والتميّز وتعزيز حوكمة الأداء في الـمُؤسّسات الحكومية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأضافت السعيد أنه رغم التحديات الجسام التي تواجهها مصر والعالم، تجلت ثمار الجهود والمبادرات التنموية التي نفذتها الدولة في الأعوام الأخيرة في عدد من المؤشرات الإيجابية منها تحقيق معدل نمو بلغ تجاوز 5% في بعض السنوات بل وبلغ 6,6 % في العام المالي 21/2022 وهو أعلى معدل نمو منذ عام 2008 قبل أن يتراجع قليلا في النصف الأول من العام الحالي 22/2023 ليبلغ 4,2% نتيجة للمتغيرات والأزمات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، كذلك انخفضت معدلات البطالة لتبلغ نحو 7,1% في الربع الأول من عام 2023، ومن ناحية أخرى حافظت مصر على أدائها الإيجابي في مؤشر تحقيق أهداف التنمية المستدامة وحصلت على 68,7 درجة من 100 في المؤشر العام في 2022 مقابل 68,6 درجة في 2021 وجاءت في المرتبة 87 من 163 دولة شملها المؤشر في عام 2022، رغم انخفاض المتوسط الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 67,1 في 2021 الى 66,7 في 2022.
وأشارت السعيد إلى ارتفاع تصنيف مصر وفقًا لتقرير التنمية البشرية العالمي؛ حيث قفزت مصر (19) مركزًا (من المرتبة 116 في تقرير العام الماضي إلى المركز 97 لعام 2021/2022)، لتُحافظ مصر بذلك على تصنيفها ضِمن مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، ويرجع ذلك إلى ارتفاع ترتيب مصر في المؤشرات الفرعية المتعلقة بالمستوى المعيشي اللائق، والنمو الاقتصادي، والعمل اللائق، والتعليم الجيّد، مضيفة أنه في مجال الحوكمة حققت مصر مؤخرا تقدمًا في مؤشر مو إبراهيم للحوكمة الأفريقية لعام 2022، حيث تقدمت مصر ثلاثة مراكز في المؤشر لتأتي في المرتبة 27 ضمن 54 دولة أفريقية، وشهدت ترتيب مصر ارتفاعا في مؤشرات الأمان وسيادة القانون، والمشاركة والحقوق والشمولية، والتنمية البشرية، كما حققت مصر تقدما في درجاتها في العديد من المؤشرات الفرعية والتي تشمل المساواة للمرأة، والبنية التحتية، والقطاع الريفي، والصحة، والحماية والرعاية الاجتماعية، ومكافحة الفساد، والأمن والسلامة، والاستدامة البيئية.