بقلم….مجدي الشهيبي
في خضم الأحداث المؤسفة التي شهدتها إحدى قرى مركز ديرمواس بمحافظة المنيا خرج علينا أحد الأصوات العلمانية المتطرفة بتصريحات تحمل الكثير من المغالطات والافتراءات حيث وصف قرية دلجا بأنها “وكر للإرهاب” وأنها خاضعة لسيطرة الفكر المتطرف الدموي تصريحات متعجلة وغير مسؤولة أثارت غضب أبناء المركز كافة لأنها لا تمس قرية بعينها فحسب بل تطعن في تاريخ منطقة عُرفت على مر العصور بأنها قلعة من قلاع الوطنية المصرية.
مأساة إنسانية تحولت إلى منصة للتشويه
وفاة ستة أطفال ووالدهم حادث جلل أحزن كل بيت مصري لكن تحويل هذا المصاب الإنساني إلى مادة لتصفية الحسابات الفكرية والسياسية أمر مرفوض أخلاقياً ووطنياً
إن استغلال الألم والمعاناة في بث خطاب الكراهية لا يخدم إلا أعداء الوطن بينما الحقيقة أن أهالي ديرمواس لطالما كانوا شركاء في بناء الدولة لا خصوماً لها.
ديرمواس في صفحات التاريخ
مركز ديرمواس ليس مجرد بقعة جغرافية في جنوب مصر بل هو رمز حيّ للصمود والوطنية ففي ثورة 1919 كان لأبناء ديرمواس الدور الأكبر في إشعال جذوة المقاومة ضد الاحتلال البريطاني. ويكفي أن نذكر مذبحة ديرمواس الشهيرة حين واجه الأهالي قوات الاحتلال بشجاعة فسقط منهم العشرات شهداء مما دفع الزعيم الراحل سعد زغلول إلى أن يطلق على ديرمواس لقب
“بلد الشهداء”الدم والعسل
تقديراً لتضحياتها التي سُجلت بمداد من نور في تاريخ مصر الوطني
أبناء ديرمواس.. بصمات لا تُمحى
لم يتوقف عطاؤها عند الثورة بل أنجبت ديرمواس شخصيات بارزة في شتى المجالات
عدد كبير من أبناء المركز شغلوا مناصب رفيعة في الدولة منهم قيادات في الجيش والشرطة والقضاء، الذين أثبتوا كفاءة واقتداراً في حماية الوطن والدفاع عن مقدراته.
شخصيات برلمانية وسياسية وطنية ساهمت في صياغة قوانين الدولة الحديثة مدافعين عن حقوق الفلاحين والطبقات البسيط
ديرمواس.. نموذج للوحدة الوطنية
من أبرز ما يميز ديرمواس هو التلاحم بين المسلمين والمسيحيين حيث يعيش الجميع جنباً إلى جنب تجمعهم المحبة والإخاء ويتقاسمون الأفراح والأحزان ففي المناسبات الدينية والأعياد تتلاقى القلوب قبل الأيادي ويثبت أهالي المركز أن الوطنية لا تُقاس بالعقيدة بل بالانتماء إلى أرض واحدة ووطن واحد.
لقد شكل هذا التعايش درعاً منيعاً ضد كل محاولات الفتنة وجعل من ديرمواس نموذجاً يُحتذى به في التضامن الاجتماعي والوطنية التي تبني ولا تهدم.
إن محاولة بعض الأصوات النشاز إلصاق صفة “الإرهاب” بديرمواس لا تعكس الواقع بأي حال فالحقيقة أن المركز بمختلف قراه ونجوعه نموذج للتعايش والمواطنة وإذا كانت هناك فئات محدودة حاولت عبر التاريخ نشر أفكار متطرفة فإنها لم ولن تمثل ديرمواس بل واجهها أبناء المركز أنفسهم بالرفض والمقاومة الفكرية والاجتماعية.
أبناء ديرمواس كانوا وسيظلون داعمين للدولة المصرية في مختلف المراحل في وقت الحروب، قدموا الشهداء والمقاتلين وفي أوقات البناء شاركوا في الزراعة والصناعة والوظائف القيادية مؤكدين أن ولاءهم الأول والأخير هو لمصر. ومن الظلم أن تختزل هذه المسيرة الطويلة في تصريحات عابرة أو اتهامات لا أساس لها.
رسالة إلى مثيري الفتن
إن مصر اليوم في حاجة إلى خطاب يوحد ولا يفرق يبني ولا يهدم يحترم دماء الأبرياء ولا يستغلها لإثارة الأحقاد. وعلى كل من يسيء إلى ديرمواس أو غيرها من مراكز مصر أن يدرك أن الوطنية ليست شعارات وإنما تاريخ ومواقف وشهداء وأن أبناء ديرمواس كانوا وما زالوا في طليعة حماة الدولة المصرية.
ستبقى ديرمواس عنواناً للشرف والبطولة وواحة للوطنية المتجذرة في نفوس أبنائها ولن تنال منها حملات التشويه أو محاولات التضليل لأنها ببساطة أرض ولادة للرجال المخلصين الذين يقدمون أرواحهم رخيصة في سبيل وطنهم. وما حدث من مأساة مؤلمة يجب أن يكون دافعاً للتكاتف والتعاضد لا ذريعة للتفرقة والافتراء
![]()

