نوستالجيا البوح

بقلم.. هند بومديان

حين تختلط الحقيقة بالسراب ، لتحتل الحواس و الأنفاس ، ف تزيد من فيض رؤاي ، يتدحرج النبض المنزوي بهذا السديم الملوث فيملأ صدغ البوح .
وحده الحرف نستذري في أفيائه تمتمات غير مفهومة ، تبحث عن صراخ الروح ، وتستظل بكرمه ، لتندثر بأحشائه الأماني ، يطاردني حبري حتى لجة دمي ، و تطاردني روحي حيث أنفاسي ، تارة خاشعة مستكينة ، تسأل الأمان في المعاني والأمل ، في فلسفة مشهد عبثي ، لتشحذ الجمال في نبرة صوت الضياع ، فتتلاشى الرؤى في مطلع الفجر ، و تارة صاخبة متمردة ، تبحث عن صولة الكلمات ، وسطوة الحبر ، كي تسقط مملكة الظلم والقسوة والخذلان ، كمن يزاحم الريح بين أكناف النهايات ، و كأن بي هوس السكون في حضن التيه ، لتتوسدني وحشة ترقد على ناصية الأماني ، تجتر لواعج لهفة تلهب الحروف بين صمت روحي و صدى وجداني .

¬ أأه ؛ كم هو مبحوح صوت العمر !!

فإذا نجا دمي من حِبري،
هل أستطيع الهرب من نَفْسِي؟

دلفت إلى مزارات هدب حروفي أوراقا حائرة ، كانت تجثو بخوف و قلق على أنفاسي ، علي أبحث في مغاوير العتمة عني ، أجتر ذاتي المنغمسة في حبر الضياع ، و أكرر كلماتي ، و كأن بي لوعة للإلتحام بكل الكون الخارجي ، ربما أفك شفرة الروح العالقة في شباك الأحزان ، بين ضراوة الواقع و أُحبولات الشك ، وكثيرا ما تداعب صدى الأمنيات ، لتحررها من شرك الأوهام فتوجع الذاكرة الخاملة ، و تستفزها كي تسترجع جواز سفرها ، وتهيئ حقائبها لتسافر حيث المزن يداعب رذاذ الحياة .
يتحين الرسو على وجنات جورية نعسى ، ف أفعل كل ما لا يجب فعله ، و بنفس النزق الفكري ربما هو فيء الروح حين يسكب العمر في كف الزمن ، أو ربما بي سر ينذرني للتوحد بالنقيض الذي لا أستطيع أن أكونه على ردهات خواطر من عسجد رغم ضياع الصمت الجاثم فوق غدير الصباح .
أذكر أنني كنت أعبر الحروف وحدي، و في رأسي الكثير من الوجع الذي يرافقني و لم أشف منه فكنت عالقة بين قاب قوسين أو أدنى من حريتي لا أعرف اللهفة و لا أعرف الراحة كل ما يشغلني ساعتها أن افرغ جيوب قصائدي من تلك المعاني التي لا تشبهني حيث ترنو الأحلام .
هه ، تلك الأحلام التي مالت بها الريح ، و ألقت ظلها الحافي علي ، لتجعلني أمتهن الشرود في دوام البوح ، و ها أنا عالقة في المدى مسافرة ، منذ نضبت غمامة أنفاس حروفي، كنص صامت يأوي جروحي ، و يلملم وزر أثقالي ، فربما إذ شد الحزن على قوسي، لا ينكسر السهم على وتري، ف أضيع في مهب الريح.

  • سيمفونية الجرح جواد تركض كلماتي على صهوته!!

يوما ما ، سوف تقودني ذاتي إلى المصب بذات عناد السذاجة ، أهيم في اللامدى، حيث تغرب الشمس، و يشرق القمر ، و يحلو تحت ظلاله مطاردتي إلى حبل الوريد ، أراوغ كل ما هو مقدر لي فعله ، و أرتشف الموت زاعمة أني في كل مرة، أفتح في عتمتي كوة الوقت، أودع للخداع المرايا التي توأمها يقين عقيم و شك عقيم ، في فيض غيابي ، ف أنا حمالة الجسد، أغادر ذاتي إلى دهاليز السطر، كغريبة تجلس منتظرة مطر الكلمات ، و تحت شهقة الضوء أتحسّس الحرف في عتمة النفق، لأعبر الجرح بسبع يمامات كل مساء .
وكل ما بجعبتي قلم بوص ، أديم ، قرطاس ، وصمغ جف ريقه .

  • فجأة، استفقت من شرودي ، وانتبهت للأمر ، كيف لم أفك قيود الحرف بعد !
    و أنا التي كنت أخشى إدمانه ، فعلا أرعبتني الفكرة ، وحدها تنثر رائحة الموسيقى في غياب النوتات.
    إسمع، لا أريد التعوّد عليك، حتى أحرر أسر بوحي ، لقد بدوت أهذي معك من جديد ، ولن أعوّد الأماكن على وجودنا معا، س أتوقف فأصبح غريبة عني، قاسية إذا ما زرتني ، لينثني حرفي ، و ينثر بلسما ، يوقف النزف بين سطور الألم وحدي و في جوف ليل كئيب النظرات، أهرب مني إلي ، و لا شيء كما هو ، كلما تبلل الغيم أركض في وديانه الشاسعة ، كما يفعل عابر السبيل ، و أبتسم للأشياء التي تغادرني بعيدا ، أفتح منافذ الحرف من جديد، و أعبر الهواء من خلاله ، وحدها كلماتي تلعب و تتأرجح على أوتار السكون .
    إنها نوستالحيا البوح يا سادة ..!!

Loading

Ahmed El sayed

Learn More →

اترك تعليقاً