بقلم هند بومديان
- لست أدري ماذا ألم بي ؟
كلما رسمت دائرة استحالت قمرا ، إنتشى و شع ضياءه من جديد ، كل شيء صار في فوضى عارمة ، الأيام تمضي لتليها السنين .
أذكر أنني أحيانا ، كنت أنتظر نفسي في العديد من البقاع ، و بكل الأوقات ، كلما ارتدت السماء لون الضياع ، تمشي الهوينا نحوي كنسيم يمشي فوق الغمام علها ترن على أوتاري ، مدونة أدق التفاصيل بداخلي ، و عند حدود الأماني ، أشك بأني تلك الشاردة التي تكتب قصيدة حقيقية تارة ، و تارة أخرى ! - حين أتحسس روحي و أقتفي أثرها ، أشعر أنه فخ يكتب شيئا يشبه التمويه النفسي ليستحيل الزمن سرابا .
أصحو من حلمي، أرقص لأقترن برحيلي ، و كل الأوقات تختزلني في لحظة أبدية ، أرقص على أنغام أغنية تُكسيني إثمًا ، و رمادًا يحيا في حناياي رغم الغياب ، ليمد العمر بالأمل و يشرع الأبواب ، ثم أرقص لأنتشي ، و أرتشف من صبابة كأسي ، أتلمس ملامح وجهي ، فأدرك أن كل شيء هنا حي يرزق إلا أناي ، و حفنة رحيل من عدم .
يغفو الكون ، وأصحو فيه كأنني صرت في اللازمان ، أصغي لكلام يهمي رذاذا ، ف أتفقد جسدي جزءا فجزءا. - أتمتع بخفتي وبكون لا شيء يجذبني ف أحير بين سؤالين :
- هل وجودي وهم ؟
- أم أن غيابي سراب ؟
أهز جذوع نخيلي ، كأني أكذب على أناي ، أوعلى الآخر ف يتثاقل النبض ، و تترمل الشمس ، و كلَّما حاولتُ أن أغوصَ في نصِّي ، لا أجدُ في أفيونه البوح الحقيقي الخبء في القلب منذ الطفولة ، لا أعثر على الاعتراف البريء الذي يعبِّر عني كإنسانة أو كشاعرة.
ربما هذه الحروف ، كتبتْ نفسَها بنفسها لتحلق بي منذ أمد و تحط بي على عروش قلبي ، إذن وأنا تلك العابرة التي لا علاقة لها بالشعر ، وحدها روحها تشتعل بوجع غامض حين يرفع يده ليلوح من بعيد . - هل انتهيت قليلا ؟
ربما ، ف أنا التي كثيرا ما أراني في غربتي ، تخطفني النوارس ، يدثرني الألم في دروب حائرة ، ل يحيط بي الوسن و أكتسي الوهن بكل جلالة قدره و بكل عظمته ، يغدقني بوابل شعر فيكتمل جنوني كلما أغمضت عيني ، و مرت الشمس على خطوط يدي ، لأراني كفيض عشق لعابرة سبيل في استراحة على أرصفة دروب الفراق … - تبا ! من جديد انحنت الزنبقة بين أصابعي و لاذ المطر بالفرار.
ليحمل لي ذاك السراب طعما مميزا، مُربكا، لم أختبره من قبل و أنا التي كثيرا ما رسمت نفسي على البياض ، و دققت مسمارا في كل ركن و لم أنجح بالاختلاء بنفسي من دونك، لم أنجح بالإفلات منك، بالرغم من أنك لم تأت حقا .
- فليس من الهدوء يا سادة أن نجمع غبار البوح من شطآن الوجع. أحببت هاته الروح ، بكل تفاصِيلها ، رغم بعدها عني و لكنها في ذاتي ساكنة ، لها عهدي و وعدي ، تغفو فوق سطوري كي أكون راهبة تقدم نذور تعبها ، ودفء مشاعرها وأحاسيسها ، و ترقص لتستعرض عفويتها بعيدا عن ضجيج الدنيا و سيل الذكريات .
لا أخفي عليكم سراً ، ف يوما ما كنت هنا ألملم شتات القلوب ، و أغمض عيني حتى أراني ، لكن ما وقع أنني تعبت فعلا من صوتي ، و من صمتي ، و من لغتي ، لأودع مخدع الرأفة ، و أبيع الحكايا للألحاظ علها تغسل الدمع من الأحداق ، أو ربما لا أبيع شيئا فقط أمارس الرقص على الوجع ، كطائر فينق يفرد جناحيه ، و ينفض عنه رماد العدم .
آآه … !!
عرفت الآن أين ظلي
أظننا بدأنا ننسى أننا في غيب مهجور , ملامحه لا يسعها خيال شاعري , و لا حتى ساحر شقي يمارس طقوسه ليلمس روحي . - أترى لمست ضياعي أخيراً!!
- قل لي إذن :
- كيف شكله؟
- ما لونه ؟
- و أين اختفيت أنا من دونه؟
لا أجوبة كما العادة ،
جلست استجمع نفسي ، أقلم أغصان الوجع ، و أنا أزج بحروف سوداء في جوف قرطاس اللوم ، لكن غيابي كان قويا ، ينتفض من داخلي ك طائر من نار ، سجيت أطرافه على جسدي ، و كتبت جواري (تائهة ) ، ف لم أعد أعرفني حين انتهيت ، فقط اكتفيت ب إرسال ذاتي إلى الحنين ، كلاجئة أدثر النبض بالنوافل ، و أرش القلب بالضياع .