كتب / عبد التواب الجارحى
إحتفالية كبرى وندوة تاريخية عقدتهاونظمتها إدارة الثقافة العامة بقصر ثقافة الفيوم فى الثامنة من مساء الخميس 30/9/2021
دارت حول اسهامات الدكتور ثروت عكاشة وانجازاته التاريخية فى الثقافة المصرية
شارك فى الندوة المؤرخ والسياسى الكبير نائب مجلس الشيوخ دكتور محمد طه عليوة والقيادى الثقافى الكاتب والشاعر الكبير الأستاذ اشرف ابو جليل وأدار الندوة الكاتب والمفكر الكبير الأستاذ عصام الزهيرى
بدأت الندوة بمقدمة للمفكر الأستاذ عصام الزهيرى تحدث فيها عن أن الاحتفال بمئوية الدكتور ثروت عكاشة ليست مجرد حفاوة بفنان ومثقف عظيم له مشروعه الثقافى الوطنى الذى أسس لمستقبل الثقافة فى مصر إنما هو إحتفال بمثقف يشكل بسيرته وأعماله مؤسسة كاملة من أعماله العظيمة فى مجالات الترجمة وتحقيق المخطوطات إلى انجازاته الباهرة فى المجال الثقافى
ثم تحدث المؤرخ الكبير ونائب مجلس الشيوخ دكتور محمد طه عليوة وذكر فى كلمته أن الدكتور ثروت عكاشة المحتفى به لم يكن إبن المرحلة الناصرية فقط لأن تكوينه الثقافى والفكرى بدأ فى العصر التنويرى السابق على ثورة يوليو 1952 حيث نشأ فى مناخ ثقافى وفكرى صنعه رواد التنوير مثل طه حسين ومحمد حسين هيكل وأحمد لطفى السيد وأحمد أمين وعبد العزيز فهمى وغيرهم وأن ثورة يوليو تمكنت من توظيف وتكوينه الثقافى المميز كأحد ضباط يوليو الاحرار فى إنجاز مشروعات ثقافية عالمية سواء فى ترجماته لعيون التراث العالمى أو فى معركته الكبرى التى خاضها لإنقاذ آثار مصر الخالدة فى منطقة النوبة عند بناء السد العالى
ثم تحدث القيادة الثقافى الكاتب والشاعر الأستاذ أشرف ابو جليل فذكر أن الدكتور ثروت عكاشة هو البناء العظيم الذى بنى المشروع الثقافى لمصر فى ظل ثورة يوليو وأن الدكتور ثروت عكاشة ليس مجرد تاريخ عظيم يروى بل إنه حاضر ثقافى معاش ونعيش على انجازاته التى صاغت ورسمت لنا حاضر الثقافة المصرية حتى اليوم فكل مؤسسات الثقافة المصرية الكبرى من هيئة الكتاب للثقافة الجماهيرية لمعرض الكتاب للمجلس الأعلى للثقافة لقصور الثقافة وبيوتها لأكاديمية الفنون لمتاحف الفنون كلها كانت من نتاج مرحلة ثروت عكاشة الذهبية خلال توليه منصب وزير الثقافة ثمانى سنوات على فترتين الأولى من عام 1958 الى 1962 والثانية من عام 1966 الى عام 1970
ثم تخلل الندوة وأعقبها مناقشات ومشاركات ومداخلات من القامات الثقافية بمحافظة الفيوم منهم الأديب الكبير أستاذ حمدى ابو جليل والأستاذ محمد الليمونى والدكتور نصر الزغبى والشاعر الكبير علاء الرمحى والأستاذ محمد حكيم والأستاذ سامى حنا والشاعر والقاص محمد شاكر والاستاذ عبد التواب الجارحى
وقد دارت المناقشات والمداخلات حول
ثروت عكاشة الضابط الفيلسوف وفلسفته السياسية والثقافية والمشروع الثقافى لثورة يوليو
ماذا تبقى من ثروت عكاشة وهل لمصر مشروع ثقافى فى عصرها الراهن؟
وكانت خلاصة المناقشات أن ثروت عكاشة ذاته هو خلاصة حضارة وفكر مصر وتاريخها الثقافى على مر عصورها بدء من عصرها الفرعونى إلى الإغريقى والرومانى ثم مصر العربية التى عرفت التعددية والحداثة وأنه وزملاء عصره ورفاقه من ضباط يوليو الاحرار تكون فكرهم وثقافتهم فى عصر ماقبل ثورة يوليو فى الفترة التاريخية مابين ثورة 1919 إلى ثورة 1953 وأنهم مشأوا وتربوا فى فكر وثقافة هذه الفترة التنويرية التى صنعها قامات ورموز جيل التنوير مثل طه حسين وعباس العقاد ومحمد حسين هيكل ولطفى السيد وأحمد أمين وعبد العزيز فهمى وتوفيق الحكيم وغيرهم وأن ثروت عكاشة وما أضافه للثقافة المصرية يعد امتدادا لرموز التنوير المصرى لعصر نهضة مصر الاولى أيام محمد على والخديو اسماعيل مثل رفاعة الطهطاوى وعلى مبارك واستكمالا لدور طه حسين والعقاد واحمد امين وغيرهم وأن ثروت عكاشة الضابط الفيلسوف الفنان المثقف هو أحد أهم اعمدة مشورع ثورة يوليو الثقافى والذى استفاد من موقعه فى السلطة المركزية كما يقول الدكتور لويس عوض فى تعليقه على السيرة الذاتية للدكتور ثروت عكاشة ويؤكد ان ثروت عكاشة سعى لإستكمال المسيرة الثقافية لمصر التى أطلقت فى عصر الخديو اسماعيل فكان بلا جدال هو رائد النهضة الثقافية الكبرى التى شهدتها مصر فى السنوات الثمانى التى تولى فيها منصب وزير الثقافة فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى وأن ثروت عكاشة استفاد من قربه وعلاقته بجمال عبد الناصر فى بناء مشروعه الثقافى الذى وضع سياسته التى تقوم على ديمقراطية الثقافة وهى فلسفة انسانية تجعل من النهل من موارد الثقافة المختلفة وتذوق الفنون فى تجلياتها المتنوعة ممارسة يومية وحقا اصيلا وضرورة من ضروريات الحياة لكل مواطن مصري ان ينهل منها ويستفيد منها اى كان موقعة على امتداد ارض الوطن فغير من مركزية الثقافة واحتكار العاصمة لها بنقل الثقافة إلى كل أقاليم مصر ومراكزها وقراها وساعده على ذلك انه تلاقى هو وعبد الناصر فكريا ووجدانيا كونهما عسكريين مؤمنين بمحورية دور الثقافة فى تحرير العقول والإرتقاء بوعى الشعب وتنشئة الأجيال بالإضافة إلى ما كان يميز ثروت عكاشة منذ صباه بشغفه بالثقافة والفنون وبراعته فى استخدام القلم براعة جسدتها ترجماته ومقالاته خلال عمله بكبريات الصحف فترة الاربعينيات قبل الثورة وذادتها ثراء المناصب الرفيعة التى تولاها فى ظل الثورة فى خمسينيات القرن الماضى فى أكثر العواصم الأوربية إهتمام بالثقافة والأدب والفنون حيث عمل ملحقا عسكريا فى كلا من بيرن وبون وحصل على الدكتوراه من باريس وعمل سفيرا فى روما فا إغترف الضابط المثقف من نفائس المعرفة وكنوز الفنون التى ذخر بها الغرب ومهد كل ذلك لتعيينه وزيرا لوزارة الثقافة الوليدة عام 1958 ولم يكن مر على انشائها شهورا قليلة وعين كأول وزير لوزارة الثقافة فى تاريخ البلاد ومثلت فترة توليه وزارة الثقافى ثمانى سنوات على فترتين العصر الذهبى للثقافة المصرية فى القرن العشرين وكان من سر نجاحه وضع خطة استراتيجية للعمل الثقافى فى مصر استعان فى وضعها وتنفيذها بنخبة من المثقفين المصريين وأضاف اليها من خبراته الإدارية ومخزونه المعرفى الثقافى وطاقاته الابداعية الخلاقة وقدرته التنفيذية الجبارة ونزعته الانسانية المقترنة بفلسفته الثقافية المنفتحة التى تمزج بين أصالة الثقافة المصرية والعربية بتراثها وجذورها وبين اعظم مانستطيع ان نرتشفه من تراث الإنسانية بالإطلاع الواسع على آفاق الحضارة العالمية وإبداعاتها القديمة والمعاصرة وهى فلسفة شاملة ونظرة متعمقة تؤمن بعالمية الثقافة ووحدة الفنون وإنسانية الحضارة وعلى هذه الأسس دشن ثروت عكاشه مشروعه الثقافى
وعن ماذا تبقى من ثروت عكاشة فإن ثروت عكاشة نفسه بقاقى مابقيت معابد فيله وابو سمبل بالنوبة التى انقذها فى معركة الصخور والمياه بالتعاون مع اليونسكو عند بناء السد العالى ثروت عكاشة باق مابقيت اكاديمية الفنون ومعاهدها ثروت عكاشة باقى مابقى معرض القاهرة الدولى للكتاب ثروت عاشه باقى مابقيت قصور الثقافة وبيوتها ثروت عاشة باقى فى الثقافة الجماهيرة وفى المسرح المتجول وفى كتبه المترجمة والمحققة والمؤلفة وعلى رأسها موسوعته العين تسمع والأذن ترى ثروت عكاشة باقى فى الالف كتاب وفى المكتبة الثقافية وفى سلسلة اعلام العرب وفى سلسة تراث الانسانية ودائرة المعارف الاسلامية
ثروت عكاشة هو العقل المستنير والنفس الحساسة والطاقة الضخمة التى لولاها مانبت غرث يوليو الثقافى
رحم الله ثروت عكاشة فى مئويته