كتبت / سحر الجمال.
على أرفف الحنين والذكريات ترقد ذكريات الماضي وأحلامه ، بحلوها ومرها نذهب إليها عند الشوق والحنين لننفض عنها غبار الماضي ونفتح كتبه لنعيش مع ذكرى جميله عشناها مع أشخاص رحلوا عنا ، وتركونا نعيش الحاضر والمستقبل لنصبح بعد ذلك ذكرى في نفس المكان.
ولكن ترى سيحن لذكرياتنا أحد ويشتاق لنا ولأيامنا كما نشتاق نحن لأحبةتركونا ورحلوا عنا ، ولأيام نتمنى أن تعود ولكن دون فائده فحينها يكون السبيل هو دفتر الذكريات نفتحه ونشم فيه رائحة الماضي الجميل
فاليوم وعند عودتي من عملي وجدت الشوارع مفترشه بحلوى المولد النبوي الشريف ، ولكن اليوم وأعوام قريبة سابقه وجدت أنه يتم طمس معالم تلك الذكرى الجميله حيث وجدت عروسة المولد من البلاستيك وهذا العام هي باربي وأشكال اخرى لا تمت لعروسة المولد بأي صلةتماما كما حدث في فانوس رمضان صناعات صينيه قد غزت تراثنا المصري القديم الذي وجد منذ مصر الفاطميه …حزنت كثيرا لهذا المشهد
وهنا تذكرت والدي وهو يطرق باب البيت وإذا بأمي تفتح لاجد أبي يحمل بين زراعيه عروسة المولد لي والحصان لأخي وليد ويحمل أيضا لنا الحلوى …تحمل امي عنه هذه الأشياء وكانت قد خصصت رف على الحائط تضع عليه عروستي وحصان أخي ….وكنا نستغل فترة نومهافي الظهيره لنقف على الكنبه ونضع المخدات لنستطيع الوصول الى الرف لننزلهم أنا وأخي ونقوم باللعب بهم …ولكن لأن لعبنا كانت مصنوعه من السكر كان في كل مرة ينكسر جزء منها ، وهكذا حتى يصعب أن تقف على الرف المخصص لها …
هنا عودتنا أمي أن تصنع لنا منها رز باللبن ، حيث تقوم بتجميع قطع العروسه والحصان وتصنع منها أشهى طبق رز باللبن ، وكانت أمي تعتبر هذا استكمال لباقي الأحتفال بالمولد النبوي ههههه ..لا أعلم هل أرادت أمي بذلك أن تخفف عنا أي شعور بالألم والحزن لما تقوم به ..حيث كانت تشركنا في عمل هذا الطبق معها وتبث فينا الفرح والسعاده واننا نستكمل باقي مراسم الأحتفال ونحن نضع القطع المصنوعه من السكر بعد تكسيرها في اناء الطهي ، واتذكر جيدا وأنا امسك برأس عروستي أضعها في الأناء ، وابعد وجهي عن ٱناء الطهي حتى لا أرى ما يحدث بها في الأناء وهو على النار …ثم تضع لنا امي في الأطباق لنأكل وترسل كذلك لجيراننا بعد أن تضع على وجهه السمن البلدي وهو ساخن
وكان اول من يذهب اليه هذا الطبق هو خالتي أم ماهر الجارة المسيحيه …وكنت عندما اللعب مع أصحابي يحكون لي بان أمهم قامت بعمل الرز باللبن بعروسة وحصان المولد فعلمت أن الجميع يحذو حذو أمي …كذلك أتذكر جيدا الطبق المليئ بانواع مختلفة من الحلوى وتغطيه أمي بفوطة مطبخ صغيره وتطلب مني أن أعطيه لخالتي أم ماهر لتشاركنا فرحتنا واحتفالنا بالمولد النبوي مثلما تفعل هي معنا عندما تذهب للدير في مولد العدرا مريم وتحضر لنا الحلوى ايضا …اااااه من هذه الذكريات والأيام واااااه من حالنا الأن
في احد الأيام وكنت بالمرحلة الأعداديه يطرق باب بيتنا فإذا بالطارق هو عمي شمس رحمة الله عليه وابنة عمتي حنان معه …قضيا اليوم معنا وقامت أمي بطهي أشهى المأكولات والطعام وأذكر انه زارنا في ذكرى الأحتفال بالمولد النبوي الشريف وكان قد طلب مني في المدرسة أن أقوم برسم عروسة المولد ومعالم الأحتفال بالمولد النبوي الشريف ….طلبت من عمي حينها أن يقوم بالرسم لي حيث أنه فنان تشكيلي كبير ..بالفعل رسم عمي لي الباعه والمحلات ثم افرد صفحة لرسم عروسة المولد حيث رسمها بشكل بديع تجمع بين الفرعونية والتراث الفاطمي الأسلامي ..مزج عمي هذا التاريخ ليرسم لي نفرتيتي أو كليوباترا ويضع القلادة الفرعونيه حول رقبتها وتاج الحية على رأسها ثم يغدق عليها بالموتيفات الشعبيه ذات المعالم والبصمات الإسلاميه ..أتذكرها جيدا ومازلت حتى عمري هذا أرسمها كما رسمها لي عمي ، رسمتها لي ولأولادي وسأرسمها لأحفادي وسأظل أرسمها كما رسمها عمي وكما اشتراها لي والدي لا كما هي عليه الأن …فهي المحفورة في مكنون ذاكرتي وأشعر معها بعبق الماضي ورائحته الجميلة.